عاشور الطويبي
ليبيا جغرافية ضائعة ، هذه الجغرافية التي لم تنصف أهلها ولم ينصفوها في كل تاريخها ! مساحة كبيرة ، سكان قليلون، ثقافات ولغات متعددة .. كانت دائما محطات الغزاة الإغريق، الرومان، العرب، الأتراك، والطليان. لم يفكروا في ترسيخ ثقافة البقاء وقبول الأهالي المحليين. بذا وبعد قرون من الاستيطان، لم يبق منهم إلا سطور ليست بالكثيرة في كتب التاريخ. لغاتهم اندثرت، مثلما نحتت عظامهم رياح القبلي والكراهية. منذ مجيء العرب إليها، في موجتين كبيرتين: قبائل بني سليم وبني هلال، والهاربين من الأندلس بعد سقوطها. هؤلاء صاروا أشرافا، أكلوا العنب وبذور العنب. شعريا، لا يختلف المشهد الليبي كثيرا عن المشهد الشعري العربي، بل كان في أغلب الأحيان يتموضعُ/ يضعه الآخرون، في الهامش وخارج المتن. لكن لا بُد أن أشير إلى ظهور شعراء كان همهم التفرد، الإبداع والخلق الفني. يمكنني ذكر بعض الأسماء الفارقة، خاصة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين: علي الرقيعي، والجيلاني طريبشان، وعلي الرحيبي، ومحمد الفقيه صالح، ولطفي عبد اللطيف.
العقد الثامن من القرن الماضي كان رتيبا، فقيرا، خصوصا بعد اعتقال عدد كبير من الأدباء الليبيين .. مع ذلك ، لا بد من ذكر أهمية مفتاح العماري، وفرج العربي، وفاطمة محمود، وسالم العوكلي، وعبد السلام العجيلي، وفرج العشة. منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، ظهرت داخل المشهد الشعري ـ مع فورة شبكة المعلومات – أصواتٌ شعريةٌ من الجنسين كثيرة. تتميز بالجرأة والمغامرة والتجريب ، مثلما أيضا عاد بعضهم لكتابة القصيدة المقفاة ، باعتبارها الأصل في الشعر! وهذا لا شك ـ في تقديري- ليس في صالح الشعر .. وأود لفت الانتباه، إلى نقص في الأعمال المنشورة، يكاد يكون كاملا، باللغات الأمازيغية، التباوية، والتارقية. ونحن في حاجة ماسة إلى الإسراع في ترجمة هذا المنتج الشعري إلى العربية، فهو جزء أصيل من الشعر الليبي. كذلك إعادة النظر إلى أهمية وأحقية الشعر الغنائي، والعامي/الشعبي/المحكي، باعتباره شعراً لا يقل شعرية عن المكتوب باللغة العربية الفصحى.
______________________**
هتون الطويبي استقطعت عن دراسة للكاتب المغربي ( عبداللطيف الوراري ) تحت عنوان شعرنا المعاصر إلى أين ” الشعر الليبي ومكر التاريخ ” بدأها مستندا على آراء أهم الكتاب والنقاد والشعراء متخيرا دراسة بحثية مهمة صدرت ككتاب للأستاذ الدكتور قريرة زرقون نصر بعنوان كتابه «الحركة الشعرية في ليبيا في العصر الحديث»_ (2003) _ والكاتب الفنان عاشور الطويبي . والشاعر فرج العربي . والناقد الأديب محمد الترهوني .