تشهد منطقة منفذ رأس اجدير البري، الحدودي بين ليبيا وتونس، نشاطًا أمنيًا مكثفًا تقوده إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، في إطار خطة أمنية شاملة تهدف إلى مكافحة ظاهرة التهريب والتصدي لكافة التجاوزات الأمنية.
حملات أمنية متواصلة وضبط متكرر للمهربين
في سلسلة من الحملات الأمنية التي نُفذت خلال الأيام الماضية رصدتها المنصة الليبية، تمكنت فرق إنفاذ القانون من ضبط عدد كبير من المركبات المعدّة لتهريب الوقود والسلع، بعضها ليبي وبعضها تونسي، كانت تحاول التسلل عبر المنفذ بطرق غير قانونية.
ضبطت دوريات إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية (13) مركبة آلية ليبية مزوّدة بخزانات وقود إضافية كبيرة الحجم، كانت مُعدّة للتهريب عبر منفذ رأس اجدير البري، إضافة إلى مركبات أخرى محمّلة بكميات من السلع والمواد الغذائية والمستلزمات المختلفة. كما ضُبطت مركبة تحمل لوحات مزوّرة، وقد تم مسح رقم الهيكل فيها بهدف طمس هويتها والتمويه على الجهات الأمنية.
وأظهرت التحقيقات الأولية أن المهربين كانوا يعمدون إلى ركن المركبات على مسافات بعيدة من نقاط التفتيش الأمنية، ليتم تمريرها لاحقاً بشكل فردي لتفادي الاشتباه والإفلات من الرقابة. وقد اتُخذت كافة الإجراءات القانونية بحق المخالفين، شملت حجز المركبات المخالفة، وتحرير محاضر ضبط رسمية، وإحالة القضايا والمضبوطات إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.
من جانبه أثنى لواء عبد الحكيم الخيتوني، مدير إدارة إنفاذ القانون، على أداء فرق الإدارة، مشيدًا بتفانيهم في حماية مقدرات الدولة وردع المهربين، مؤكدًا استمرار الجهود بالتنسيق مع الجهات الأمنية ذات العلاقة، ومطالبًا المواطنين بالتعاون والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة قد تمس الاقتصاد الوطني أو الأمن العام.
تشديدات أمنية تهدد بإغلاق المنفذ
ورغم هذه الجهود، شهد المعبر العام الماضي عدة إغلاقات متكررة في اتجاه الخروج من ليبيا، كان آخرها نتيجة احتجاجات من سكان مدينة زوارة، قاموا بإغلاق الطريق المؤدي للمنفذ، مما أدى إلى توقف تام لحركة العبور والمبادلات التجارية بين البلدين.
وأوضحت مديرية أمن المنفذ أحينها أنها تخلي مسؤوليتها عن هذه التطورات، مشيرة إلى أن الإغلاق تم من قبل مجموعات خارجة عن سيطرة الأجهزة الأمنية.
في مارس 2024، شهدت مدينة بن قردان الحدودية التونسية ، احتجاجات للمطالبة بفتح المعبر الحدودي في رأس اجدير وإيجاد حلول تنموية لآلاف العاملين في التجارة بين تونس وليبيا، والتدخّل العاجل والتنسيق مع الجانب الليبي لتسريع استئناف نشاطهم التجاري المتوقف ، بعد اتخاذ السلطات الليبية قرارا بغلقه.
وأشار رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي، منير قزم، في وقت سابق إلى أن الحركة في المعبر توفر سنويا مداخيل بقيمة 90 مليون دينار (30 مليون دولار) لميزانية الدولة التونسية، تتنوع بين رسوم الجمارك على البضائع وتنقل الأشخاص عبر المعبر، الذي يستخدمه يوميا ما بين خمسة إلى عشرة آلاف مسافر، فضلا عن أربعة آلاف مركبة، وأكثر من 250 شاحنة ثقيلة لنقل البضائع يوميا كمعدل عام.
معبر حيوي بين ليبيا وتونس
يُعد منفذ رأس إجدير أحد الشرايين البرية الرئيسية التي تربط ليبيا بتونس، ويقع على بعد نحو 170 كيلومترًا غرب العاصمة طرابلس، ونحو 600 كيلومتر جنوب شرق تونس العاصمة، وهو ما يجعله محوريًا لحركة التجارة والتنقل بين البلدين.
وفي السياق ذاته، يقول الصحفي الليبي المتخصص في الشأن الاقتصادي، محمد الحجاج، إن معبر رأس جدير يمثل أهمية كبيرة للبلدين على الأصعدة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية إذ يستحوذ المعبر على 80 في المئة من حجم التجارة البينية بين البلدين، التي يسعى البلدان أن تبلغ 1.6 مليارات دولار مع حلول سنة 2025.
وأشار الحجاج إلى أن معبر رأس جدير يسهم في نشاط الحركة التجارية، للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة القريبة على الحدود، وسط توقعات بزيادة حركة السياحة العلاجية والترفيهية، بالتزامن مع بداية فصل الصيف.
وبحسب المرصد التونسي لحقوق الإنسان، فإن نحو ثلاثة أرباع الليبيين يثقون في قطاع الصحة في تونس والحركة بين البلدين يومية ومستمر لتلقي العلاج.
وقدر تقرير للبنك الدولي المبادلات التجارية بين تونس وليبيا بـ 1.5 مليار دينار تونسي سنويا. وتمثل التجارة البينية أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، حيث تمر غالبية السلع بشكل غير رسمي عبر معبر رأس جدير.
وبهذا تستمر الجهود الأمنية لإدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية للتصدي لعمليات التهريب اليومية، وإحباط تصاعدها مما شكل ضغط على المهربين من الجانبين الليبي والتونسي.
