محمد زيادة
في القلْبِ بعْضٌ منْ أريجِ شَذاها
ولـــهُ تـواشيـــحٌ ترومُ لِقــاهـــا
فتظلُّ تشْـــدو والهــوىٰ أذكـاهــا
دارُ الحـبـيـبِ أحــــقُّ أنْ تـهْـواهــا
وتَحنُّ مِن طرَبٍ الـىٰ ذِكراهـا
فالنفْسُ إذْ ترجــو الصعــودَ لسدرةٍ
والقلبُ إذ يرجو الدُنُــوَّ لحضْــرةٍ
وعلىٰ العُيــونِ الإشتيـــاق لنظرةٍ
وعـلـىٰ الجـفـونِ إذا همـمـتَ بــزورَةٍ
يـا ابـن الـكـرام ِ علـيـك أن تغشـاهـا
فهنـــاكَ تـأوى النفسُ عنْدَ حبيبـةٍ
فيهــا مِنَ الرحمــاتِ كلّ عجيبــةٍ
وبــأرضِهــا تلقـــاكَ كـلّ خصيبــةٍ
فـلأنــتَ أنــــتَ إذا حـلـلْــتَ بـطِـيـبـةٍ
وظَللْـت َ تـرتـعُ فــي ظِــلال رُبـاهـا
فهنــاك تسرحُ في المنــاظرِ مُقْلتي
وهناكَ تسْمـــو بالمنــاسـكِ مهْجتي
وتجــودُ بالدررِ الحســانِ قَريحَتي
مغنى الجمالِ من الخواطـرِ و التـي
سلـبـتْ قـلــوبَ العاشـقـيـنَ حـلاهــا
ترتـــاحُ متعبـــةُ القلوبِ بقربِهـــا
وخطَى الحَيــارىٰ تسْتقيمُ بدربِها
ويضوعُ زهـرُ المــادِحين بحبِّهـــا
لا تحـسـبِ المِـسـكَ الـذَكـيّ كتُـربـهـا
هيـهـاتَ أيــن المـسـكُ مـــن ريّـاهــا
سـتظـلُّ طَيِّبـــة المقـــامِ لمنْ أتىٰ
إن شـطَّ صيفٌ أو عَتــا بردُ الشِتـا
لا تســألِ الأضيــافَ مــاذا أو متىٰ
طابـتْ فـإن تبغـي التطيّـبَ يــا فـتـىٰ
فــأدم عـلـى السـاعـات لـثـم ثـراهـا
طـابتْ فَحَمَّـلَتِ النســائمَ أذْفَــرا
وغَـدَا بهـا الإيمـانُ أطيبَ مـا سرىٰ
طُـوبىٰ لِمنْ مِنْ طِيبِهــا ملأ القِـرىٰ
وابشـرْ ففـي الخبـرِ الصحيـحِ تقـرَّرا
ان الإلـٰـــــــهَ بــطِيــبَــةٍ ســمَّـــاهـــا
وأخْتـارهـا وأفـاضَ في تهذيبِهــا
فلهـا منَ المعنىٰ الجميلِ نصيبِـهــا
ومن الفعـال السـاميـات عجيبهــا
و اخـتـصـهــا بالـطـيـبـيـن لـطـيـبـهـا
واخـتـارهـا ودعــــا إلــــى سـكـنـاهـا
وبمـا جـرىٰ في البيْعَتينِ سَما بِها
وهَــدىٰ وفودَهـمُ لنهـجِ صوابِهــا
فغــدو بفضـلٍ من ثمــارِ ثوابِهـــا
لا كالمـديـنـةِ مـنــزلٌ و كـفــىٰ بِـهــا
شَــرفـــاً حــلـــول مـحــمــدٍ بـفِـنـاهــا
بجـوارٍهــا ترتــاحُ أفئـدةُ الـورىٰ
فهنــاك مجدافُ النفــاقِ تكسَّــرا
وبهــا غـدا شـرعُ الإلـــهٍ موقَّــرا
خُصّت بهجرةِ خيرِ من وطئ الثرىٰ
وأجـلّـهــم قــدراً و أعــظــم جــاهــا
منهــا علىٰ كــلّ البرِّيــةِ قـد همىٰ
غيْمُ الهدايــةِ في القلـوبِ فكلّمــا
نصَبَ التفــاضلُ للمـدائـنِ سلّمـــا
جَزمَ الجميـعُ بـأن خيـر الأرضِ مـا
قـد حــاز ذات المصـطـفـى وحــواهــا
المُصْطفىٰ صلَّـتْ عليهِ وسـلّـمتْ
كـلُّ الخـلائـقِ إذ سـجـايــاه رأتْ
وبــه المدينــةُ في مكانتِهــا ارتَقَتْ
ونَـعَمْ لـقـدْ صـدقـوا بِساكِنـهـا عَـلَـتْ
كالنفـسِ حـيـنَ زَكَــت زكــا مـأواهـا
لمــا قريشٌ أســرفتْ في حربِـــه
عين العنـــاية أُوفِـدَتْ من ربًــــه
فأتَتْـــه يثرب تســتضيءُ بقربِــه
حـتـى لـقــد خُـصّــت بـهـجـرةِ حِـبِّــهِ
اللهُ شــرّفـــهـــا بِــــــــهِ وحَـــبـــاهـا
قــد جئتهــا أسـعىٰ بقلب وامــقٍ
فـاستقبلتني بفيضِ نورٍ شــاهــقٍ
دارُ الحبيبِ وعطــرُ روضٍ عــابقٍ
هـذي محاسِنـهـا فهـل مــن عـاشـقٍ
كَــلِـــفٍ شَــجِـــيٍّ نــاحـــلٍ بـنــواهــا
