بقلم: حسين المسلاتي
في خطوة تحمل الكثير من الشكوك أصدر (109) من البرلمانيين السابقين والسياسيين والنشطاء مقترحا يطرح ما وصفوه بـ”خارطة طريق واقعية ومنطقية” لحل الأزمة السياسية الراهنة، إلا أن مضمون هذه الخارطة، يطرح أكثر من علامة استفهام حول دوافعها وتوقيتها، بل ويكشفان عن نوايا قد لا تصب في صالح أي حل حقيقي ومستدام.
المقترح الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه داعم للعملية السياسية، يحمل بين سطوره محاولة مكشوفة لاستباق مخرجات اللجنة الاستشارية، والضغط عليها بشكل غير مباشر، رغم الإشادة الشكلية بدورها.
ففي الوقت الذي يؤكد فيه المقترح على التوافق الوطني، إلا أنه يطرح مساراً لا يحظى بالتوافق، وأبرز مثال على ذلك الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، متجاهلا أسباب تعثر هذا الخيار في الماضي .
الأخطر من ذلك أن هذا المقترح يعكس انحيازا واضحا لطرف دون آخر، من خلال تضمينه بعبارات لا تخلو من التحامل، وهو ما ينسف أي ادعاء بالحياد أو السعي للتقريب بين الفرقاء.
وعلى الرغم من ادعاء الواقعية، فإن المقترح يتجاهل عن عمد واحدة من أكبر العوائق أمام أي حل سياسي، وهو الملف الأمني، فلا توجد في المقترح أي رؤية أو تصور للتعامل مع الانفلات الأمني، الذي يمثل التحدي الأبرز أمام استعادة الدولة لوظيفتها السيادية، وضمان إجراء أي استحقاق انتخابي في مناخ آمن ومستقر.
وبناء على ما تقدم فأن هذا المقترح ليس سوى محاولة جديدة لإعادة تدوير التجارب الفاشلة، وفرضها كأمر واقع على الفاعلين السياسيين، في وقت يحتاج فيه المشهد إلى التهدئة، وتغليب صوت التوافق على حساب المصالح الضيقة.