الميراث

قصة قصيرة . عن مجموعة رائحة الجوع

ناجي الحربي

خرجوا بعيون دامعة يشيعون جثمانه .. تقاطر الأصدقاء والجيران وكذلك الرفاق يترحمون عليه ويقدمون واجب المواساة لأفراد أسرته الذين وقفوا في طابور درامي حزين .. بوجوه مصفرة وأفواه عفنة وأجسام هزيلة ..

_ كل من عليها فان ..

_ البقاء والدوام لله ..

_ البقية في حياتكم ..

_ إنّا لله وإنّا إليه راجعون ..

أقاموا الصلاة ولحظة انقضائها خفت أيديهم تحمل النعش الملفوف بقماش أبيض صوب المثوى الأخير ..

_ لا إله إلا الله ..

_ محمد رسول الله ..

أسرعوا في مواراة الجسد بالتراب .. نفضوا أيديهم مرة أخرى .. قرأوا سورة الفاتحة بأخطاء فادحة ..

ولوّا عائدين … لم يلتفتوا خلفهم .. كانت خطواتهم تتسابق بإيقاع سريع للخروج من خلال البوابة الكبيرة للمقبرة والمفتوحة دائما .

_ أين شهادة الوفاة ؟

قالها خفير المقبرة بصوت أجش مخيف …

دس أحدهم يده في جيبه .. وناوله آخر مستند استخرج للمغفور له

على المقاعد التي تراصفت بشكل هندسي يليق بمقام المناسبة أمام بيت المتوفي في سرادق طويلة .. كانوا يجلسون بوقار يعقدون صفقاتهم ويتهامسون ..

وفيما خيم الحزن في أحداق أقرباء الراحل .. كانت تتصاعد في رؤوسهم أرقام حصص الميراث كل حسب صلة قرابته بالفقيد .. موقنين أنهم يقفون على تخوم الأرباح .