حسين درمشاكي
شَدَّ العقدةَ الأخيرةَ .. ابتسامةٌ مُرّةٌ تلوّت على شفتيه المتشققتين .. “أخيرًا !” زفّها همسًا وهو يتأمل تلك العلبة العتيقة بين أنامله الراجفة ..
عقودٌ عجافٌ انقضت ، وفتاتُ العيشِ استُنزفَت ، فقط ليحظى بها. هي، دون سواها، تستحقّ هذا الوجودَ العقيمَ.
” عيد ميلاد سعيد يا ملاكي … ” تمتمَ في غيب الأثير .. أسندَ العلبةَ برفقٍ على المنضدةِ الواهنةِ في بهيمِ الغرفةِ ..
انزوى في الظلّ الرابض ، يتجرّعُ لدغاتِ الانتظارِ .. الدقائقُ تَشَرّبتْ كعقودٍ ، والساعاتُ خنقتْ دهورًا.
لم تأتِ ……
ومع أوّلِ وميضٍ للفجرِ، تسلّلَ شحوبُ الضوءِ .. فضاءٌ من الغبارِ خيّمَ على العلبةِ ..
وذاك العطرُ ، شتاتٌ من ذكرى ، ما زال يئنّ من صورةٍ لصبيةٍ شابةٍ ، معلّقةٍ على الجدارِ ،
تقبضُ بكفيّها العاريتينِ باقةَ وردٍ ذابلٍ .

