عفاف عبدالمحسن
سلم الله قلوبكم ودروبكم قراءنا من كل ثقل وهم وعثرات .. أبدؤكم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن القلوب وأنا أصافحكم بقلبي قبل كلماتي فيقول الهادي المهتدي حبيب الله لنا : “إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ”.
مسكك حكايانا اليوم لكل إنسان مسلم محتسب مصطبر رغم أن الدنيا التي نعرف جميعا أنها ليست دار مقامه بل دار عبور ونحن فيها نسعى ونتعب ونعمل لكي نسعد في دار البقاء التي تنتظرنا عند المولى فلِمن ألقت الدُّنيَا فِي طريقهم شوكاً اقتلعوه بصبر وقوة فعبروا مِن فوقهِ كاتمينَ الهمَّ والألم ، مُرَدِّدِيِنَ لَعَلَّ نهايةَ هذا الطريقِ بُستاناً فسلام على الجميع وأخص سلاما لِقلوب منهكة ورغم ذلك لا تستسلم بسهولة لازل أصحابها قادرون على المواجهة.. أنفاسهم تخرج بصعوبة لكنهم يفتحون أعينهم في كل يوم جديد متوكلين على الرحمن بقلوب نقية قادرة على معرفة العثرات لإقالتها من الدروب عازمة على ذلك فكلنا نعرج إلى الله لا أحد يمشي مستقيما على الدوام نسعى نحو الخير والصلاح والفلاح ولكن أحيانا بنصف صلاة بكم من التسابيح وأحيانا أخرى بتسبيحة سريعة بعبادات متقطعة ثم نجتاز حدود الله ونعصيه بكل عافية ثم نعود لنعرج في طريقه المستقيم لنستغفره وهكذا دومًا مدركين أن خيره فينا وشرورنا تصل له لا يضاعفها بل تمحها الحسنات إن أتبعتها
.. فيا صاحب القلب المتعلق بالله الكريم الرحيم وبرسوله صلى الله عليه وسلم الهادي الشفيع .. لا تمّل ولا يتملَّك الشيطان منك ولتستمر ولو حبواً .. فتِلك الصعاب التى تخوضها.. وأن قلبك مُمزق ، تحمّل ما لا يستطع بشرٌ تحمُله.. وأن الحياة لازالت تقسو عليك مراراً.. وتتكاثر عليك الهموم فـَتجعُلك غير قادرٍ على التنهيد والإكمال.. قلبك الرقيق لن ينطفئ فهذهِ الشرايين التي تضُخ الدماء وشعرتها أصبحت ملوثة بِفعل الحياة وقَسوتِها ومُرِّ أيامِها.. رغم ذلك لا تَقلق سيغسل الله قلبك فقد ذكر لنا القرآن الكريم أنواع القلوب أدركها وتعلمها وتخير لنفسك أيها تريد أن يكون قلبك .. فالقلب السليم هو الذي يسلم من الشبهات والشهوات ، ويخلص لعبادة لله وحده أما القلب الأعمى لا يبصر ولا يدرك الحق بل ويخوض في المظالم دون إدراك عواقبها وأشر منه القلب المريض فصاحبه يميل إلى الشهوات ويتبع هواه ، ويصيبه الشك والنفاق فهو مريض تماما وليس مجرد قلب غافل وذاك يغفل عن ذكر الله ويؤثر هواه على طاعة مولاه ..
يمكن أن يستفيق إذا وجد من يخرجه من غفلته ليس كما صاحب القلب الميت والعياذ بالله الذي يتعبد لغير الله حباً وخوفاً ورجاء ، والهوى والضلالة هو إمامه ومن النماذج التي يبتعد عنها المسلم في أنواع القلوب التي ميزها ديننا في كتاب الله .. القلب القاسي صاحبه لايلين ولا يحن ولا يخشع لذكر الله ولا تأخذه بأحد شفقة من عباد الله هلاك هذا القلب القاسي مفروغ منه .. ومن صاحبه أعني بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ”.
كل هذا يجعلنا نبحث عن مسك يضوع في الحكايا عن القلوب السليمة المطمئنة .. فصاحب القلب المطمئن يسكن قلبه وترتاح روحه بذكر الله عز وجل ، وهذا هو سبيل الراحة والطمأنينة .. لنتبع بعد ذلك أرج أهمية العناية بالقلوب عن طريق القرآن الكريم بتلاوته وعدم هجره فهو شفاء لما في الصدور من الشكوك والشهوات خاصة حينما يقرؤه بتمعن المعاني والإرشاد ومرامي القصص فذكر الله هو الطريق إلى الاطمئنان والسكون الداخلي نصل شيئا فشيئا للتوبة والإنابة كما ذكر وصف القلب المنيب أن صاحبه دائم الرجوع إلى الله والتوبة إليه.
