تصدر الملف الليبي أجندة أعمال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف، حيث عبّرت وفود دولية ومنظمات أممية عن مواقف متباينة، لكنها اتفقت جميعها على ضرورة إنهاء حالة الجمود السياسي في ليبيا، ومعالجة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التي تحدث دون محاسبة.
محكمة العدل الدولية: انتهاكات ممنهجة دون عقاب
أما محكمة العدل الدولية، فقد وجهت انتقادات حادة للسلطات الليبية بسبب ضعف تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية، رغم قبولها اختصاصها.
وكشف البيان عن العثور على 67 جثة مجهولة الهوية في ثلاجات مستشفيات أبو سليم والخضراء.
كما لفت إلى مقتل أكثر من 10 مدنيين في مايو الماضي نتيجة اشتباكات بين مجموعات مسلحة عقب إعدام أحد قادتها خارج نطاق القضاء.
الأمم المتحدة: العدالة أساس أي تسوية
بدورها، أوضحت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان ندى الناشف، أن أي تسوية سياسية في ليبيا يجب أن ترتكز على العدالة وحقوق الإنسان ومعالجة جذور الصراع.
وأكدت أن خارطة الطريق السياسية التي أعلنتها البعثة الأممية في أغسطس الماضي، تُعيد الأمل نحو انتخابات وطنية ومؤسسات موحدة.
لكنها حذرت في المقابل من استمرار “الهجوم الممنهج” على الفضاء المدني واستهداف الصحفيين والمعارضين، إلى جانب الانتهاكات الوحشية ضد المهاجرين واللاجئين الذين يقعون ضحية للاستغلال من قبل جماعات مسلحة ومتاجرين بالبشر.
إيطاليا: الوضع غير مستدام
من جانبه، قال نائب الممثل الدائم لإيطاليا لدى الأمم المتحدة، ستيفانو بيسوتي، إن الوضع الراهن في ليبيا “غير مستدام”، معتبرا أن اشتباكات طرابلس الأخيرة دليل على هشاشة الوضع الأمني.
وشدد بيسوتي على ضرورة إحياء العملية السيسية تحت رعاية الأمم المتحدة للتغلب على الانقسام وتلبية التطلعات الديمقراطية للشعب الليبي، مؤكدًا قلق بلاده من استمرار الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري.
كما أعرب عن تقدير إيطاليا للجهود المشتركة بين المفوضية السامية والبعثة الأممية والسلطات الليبية، مؤكدًا استمرار دعم بلاده لمبادرات تمكين المرأة مثل مبادرة “رائدات”.
بريطانيا: المساءلة غائبة
من جانبها قالت سفيرة بريطانيا لحقوق الإنسان، إليانور ساندرز، إن الانتهاكات في ليبيا – من احتجاز تعسفي واختفاء قسري وتعذيب – ما تزال تثير قلقًا بالغًا، في ظل غياب المساءلة.
ودعت السلطات الليبية إلى إغلاق مراكز الاحتجاز غير الرسمية، واعتماد تشريعات للمصالحة وحماية المرأة.
كما شددت على أهمية السماح للمنظمات الدولية بالعمل بحرية لتقديم خدمات إنسانية للفئات المستضعفة، مؤكدة دعم بريطانيا لعملية عدالة انتقالية شاملة قائمة على حقوق الضحايا.
قطر: وحدة ليبيا عبر الحلول السلمية
فيما أكد ممثل وزارة الخارجية القطرية، أحمد الحمادي، دعم بلاده الكامل للمسار السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن، وجميع الحلول السلمية التي تحفظ وحدة ليبيا وتلبي تطلعات شعبها في الأمن والتنمية.
وأضاف الحمادي في كلمته خلال الحور التفاعلي بشأن تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن قطر ترحب بالأنشطة التي تنفذها المفوضية بالتعاون مع السلطات الليبية، بهدف تقديم الدعم الفني وبناء القدرات لمواجهة التحديات الحقوقية في هذه المرحلة الانتقالية.
تبين هذه المداخلات حجم التحديات التي تواجه ليبيا في مسارها السياسي والحقوقي، وسط إجماع دولي متزايد على أن العدالة والمساءلة وإحياء العملية السياسية هي مفاتيح الخروج من الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد.
