شهد سوق العملات الموازي في ليبيا خلال الفترة من أوائل سبتمبر وحتى السادس من أكتوبر 2025 تقلبات ملحوظة في أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار الليبي، تأثرت بمجموعة من العوامل المحلية بما في ذلك الإجراءات النقدية للمصرف المركزي الليبي، مداهمات السوق الموازي، والتغيرات في التعامل بالفئات النقدية المحلية. يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل مفصل لهذه التقلبات، وفهم العوامل المؤثرة على دينامية السوق، وتقديم رؤى حول التوقعات المستقبلية.
خلال الفترة المذكورة، سجل الدولار الأمريكي ارتفاعًا مستمرًا أمام الدينار في أوائل سبتمبر، إذ بلغ 7.82 دنانير، مع استقرار اليورو عند 8.84 دنانير. منتصف سبتمبر شهدت العملة المحلية انتعاشًا مؤقتًا، حيث انخفض الدولار إلى 7.53–7.58 دنانير، نتيجة تحسن السيولة والتدخلات المحدودة من المصرف المركزي. في أواخر سبتمبر، عاود الدولار ارتفاعه بشكل متذبذب بين 7.27 و7.39 دنانير، مع توقعات الأسواق بوقف التعامل بالفئات النقدية القديمة (5 و20 دينار). في أوائل أكتوبر، سجل الدولار هبوطًا مؤقتًا إلى 6.89 دنانير في 4 أكتوبر، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 7.05 دنانير في 6 أكتوبر، مشيرًا إلى عودة السوق لتقلبات قصيرة الأجل.
أما اليورو والجنيه الإسترليني، فقد تحرك اليورو من 8.86 دنانير في أوائل سبتمبر إلى 8.01–8.08 دنانير في أوائل أكتوبر، مما يعكس تأثير ضغوط السيولة المحلية وتدخلات المصرف المركزي. الجنيه الإسترليني شهد تقلبات مشابهة، من 11 دنانير في سبتمبر إلى 9 دنانير في 6 أكتوبر، متأثرًا بتراجع العملات الأجنبية مقابل الدينار نتيجة ضغوط السوق المحلية.
العملات العربية سجلت أيضًا تحركات ملحوظة، حيث تراجع الدينار الأردني تدريجيًا من 11 دنانير في أوائل سبتمبر إلى حوالي 9.70–9.85 دنانير في بداية أكتوبر. الدينار التونسي تحرك من 2.65 دنانير إلى حوالي 2.22–2.25 دنانير عند المنفذ الحدودي رأس جدير، في حين استقر الجنيه المصري عند مستويات 0.14–0.17 دينار.
تأثرت هذه التحركات بعدة عوامل رئيسية، أبرزها تدخل المصرف المركزي من خلال مبادرات زيادة السيولة النقدية، بما في ذلك توزيع نصف مليار دولار للأغراض الشخصية عبر شركات الصرافة، بالإضافة إلى الضغط على السوق الموازي عبر مداهمات وسحب الفئات النقدية القديمة. كما لعبت المضاربات على العملات الأجنبية، واستعمال منصات غير رسمية مثل واتساب للتداول في أيام العطلات، دورًا في زيادة تذبذب الأسعار. علاوة على ذلك، ارتبطت تحركات العملات العربية جزئيًا بتغيرات أسعارها أمام الدولار عالميًا.
من خلال متابعة البيانات، يمكن ملاحظة تذبذب ملحوظ للدينار مقابل الدولار، مع ارتفاعات مؤقتة نتيجة تدخلات المركزي، لكنه لم يحقق استقرارًا طويل الأجل. ارتفاع الدينار مقابل العملات العربية يعكس قوة العملة المحلية نسبيًا أمام العملات الإقليمية، فيما يظل الدولار واليورو محور التداول الأبرز في السوق.
الاستنتاج الرئيسي هو أن السوق الموازية في ليبيا لا تزال تعاني من تقلبات حادة مرتبطة بالسيولة المحلية والسياسات النقدية، وأن التدخلات الحكومية توفر دعمًا قصير المدى لقوة الدينار لكنها لا تحقق استقرارًا دائمًا. استمرار المضاربات واستخدام وسائل غير رسمية يعزز من التذبذب، فيما يشير توزيع العملات الأجنبية من المصرف المركزي إلى إمكانية انخفاض تدريجي لتأثير المضاربات إذا استمرت هذه الجهود بشكل متوازن. مراقبة أسعار العملات العربية يمكن أن تعطي مؤشرات مبكرة عن اتجاهات الدولار واليورو في السوق المحلية.
يبين هذا التحليل أن الدينار الليبي شهد تذبذبًا مستمرًا أمام الدولار واليورو خلال شهر سبتمبر وأوائل أكتوبر 2025، متأثرًا بتدخلات المصرف المركزي، المضاربات في السوق، وانتهاء التعامل بالفئات النقدية القديمة. ورغم ارتفاعات قصيرة الأجل للدينار، فإن السوق لا يزال معرضًا لتقلبات عالية، ما يستدعي مراقبة مستمرة وتطبيق سياسات نقدية أكثر فعالية لضمان استقرار طويل المدى.
