تمثيل المرأة في الحياة السياسية وما يتبعه من حديث عن تهميشها أو عدم فاعلية دورها والتحديات التي تواجهها في هذا الصدد وسبل دعمها ودور القوانين في تمكينها ومساعدتها.. هذه المحاور وغيرها تحدثنا فيها خلال حوارنا مع أستاذة القانون الجنائي بكلية القانون في جامعة بنغازي، وعضو اللجنة الاستشارية الدكتورة جازية شعيتير.
كيف تقيّمين تمثيل المرأة الليبية في المؤسسات السياسية الحالية (البرلمان، الحكومتين، الرئاسي والدولة)؟
التمثيل موجود في البرلمان ومجلس الدولة والحكومتين موجود وبعدد لا بأس به بعكس المجلس الرئاسي الذي يتألف من ثلاث شخصيات من الرجال وذلك لأن صناع خارطة الطريق في جنيف قرروا أن ممثل الجنوب تكون سيدة ثم رفض الجنوبيين ذلك لكن فاعلية وجود المرأة في المناصب السياسية ضعيفة وهو أمر يتأثر بظروف عديدة غير عدم تمكين النساء أو التمييز ضد المرأة؟
هل الأحزاب أو التكتلات السياسية تفتح المجال أمام النساء بجدية أم أن وجودهن ما زال شكليًا؟
الأحزاب أو التكتلات السياسية لن تفتح المجال أمام النساء إلا إذا فرض عليها ذلك بالقانون حيث توجد ثقافة أن المرأة شريكة الرجل في المجال السياسي لكن هذا الأمر يصطدم ليس فقط بكون المجتمع شرقي أو قبلي (توجد به القبيلة بكل قيمها على الساحة السياسية) وإنما أيضا أننا نمر بمرحلة انتقالية قد تصعب عملية فتح المجال السياسي للنساء إلا إذا كان هناك إرادة سياسية تم التعبير عنها بنصوص قانونية ملزمة مثلما حدث في خارطة الطريق التي نصت على أن ما لا يقل عن 25% من النساء في الحكومة وهذا ما تم احترامه في الحكومة الليبية وحكومة الوحدة الوطنية. كما أنه إذا نصت القوانين الانتخابية على وجود25% نساء سيتم احترام ذلك رغما أو قهر وبذلك يتم رسم سياسة عامة أو ثقافة مجتمعية مختلفة.
هل تعتقدين أن البيئة الاجتماعية ما زالت غير متقبلة لفكرة “المرأة القائدة”؟
البيئة الاجتماعية في ليبيا الآن هي العودة إلى أحضان القبيلة والجهوية والعرقية ولكن هناك منظومة قيم للمنظمة القبلية لعل من ضمنها أن المرأة مبعث للفخر لكنها ليست قائد فالقائد رجل.
كما أن المنظومة الدينية تقول إن القائد رجل والولاية للرجال لذلك فإن هذه المنظومة الثقافية والاجتماعية والدينية من المعرقلات لبروز دور المرأة.
ما الدور الذي تلعبه القوانين والتشريعات في تعزيز أو تقييد مشاركة النساء؟
القوانين تعلب دور إيجابي في حال قررت تعطي للمرأة تمييز إضافي يجبر اللاعبين السياسيين على وضع النساء ضمن قواعد اللعبة.
كيف أثّرت الظروف الأمنية والانقسام السياسي في ليبيا على فرص النساء في التقدم للمناصب العامة؟
بالطبع أثرت الظروف الأمنية كثيرا على تقدم النساء في المناصب العامة وقد رأينا أن الحرب سلاح فتاك في الحلبة السياسية والإدارية (التنفيذية) بحيث أنه في الحرب يخشى المواطن من الاغتيال الحقيقي لكن في السلم يخشى الناس من الاغتيال المعنوي والنساء أكثر حساسية في هذا الجانب خاصة أن التقنيات الحديثة فتحت الباب واسعا أمام التنمر الإلكتروني والتحرش الإلكتروني.
هل هناك مؤسسات أو مبادرات فعالة تدعم المرأة الليبية في الوصول إلى مواقع صنع القرار؟
بالتأكيد فإن المجتمع المدني من المؤسسات الفاعلة في هذا المجال، إضافة إلى بعض الأحزاب.
كيف يمكن للإعلام أن يساهم في تغيير الصورة النمطية عن المرأة ودعم مشاركتها السياسية؟
يجب التأكيد على أهمية دور الإعلام لكن كيف يمكن أن يساهم في خدمتها. أرى أن مساهمة الإعلام لا تكون عبر رسائل مباشرة للمجتمع وإنما عبر رسائل خفية لا تؤثر في المدى القريب لكن تؤثر في المدى البعيد ناهيك عن إمكانية وجود تأثير إيجابي سريع مثلا في ملف الانتخابات القادمة أو الحكومة القادمة لكن من الضروري التأسيس لإستراتيجية بعيدة المدى لتغيير العقلية السائدة بخصوص المشاركة السياسية للمرأة.
هل تتوقعين أن تحقق المرأة الليبية حضورًا أقوى في الاستحقاقات المقبلة؟ ولماذا؟
لا أستطيع التوقع لكنني أخمن وربما أتوجس خيفة لأن الأمر بالكامل مرهون بالقوانين الانتخابية ولدي أمل أن تكون القوانين الانتخابية أفضل لأن اللجنة الاستشارية قالت صراحة إنه يجب أن تكون نسبة النساء بمجلس النواب والشيوخ 30% فإذا تم ترجمة هذه التوصية إلى نصوص قانونية فسوف تزيد حظوظ المرأة في المنافسة الانتخابية كما أن الانتخاب بنظام القائمة سيزيد من حضور المرأة بشرط أن تكون القوائم عموديا وأفقيا بالتبادل رجل وامرأة.
ما التغيير الذي تتمنين رؤيته خلال السنوات القادمة في واقع المرأة الليبية؟
أتمنى أن يكون لدينا دستور دائم يحمي حقوق الأجيال الحديثة ويفرض نصوص كثيرة تُؤَمِّن حماية حقيقية للمرأة ضد العنف والتمييز بكل أصنافه ومن المهم أيضا وجود مناهج دراسية منذ الصغر تغير من هذه المعتقدات ويعاد كتابة كتب التاريخ والدين بما يحترم ويعزز أدوار النساء.
برأيك هل إقصاء المرأة الليبية متعمد؟
لقد حدث نتيجة ظروف كثيرة منها ما هو سياسي واجتماعي وأمني.
لماذا لم تطرح النساء الليبيات في المناصب السيادية؟
هناك نساء تقدمن للمناصب السيادية وعندما حدث تقهقر وأصبح اختيار المناصب السيادية بالمحاصصة القبلية والجهوية فإن القبيلة عادة تدفع برجالها وفي قواعد اللعبة لا يوجد تنظيم للمناصب السيادية لصالح المرأة فمثلا في إنشاء المفوضة العليا للانتخابات لو أن هناك نص مكتوب مفاده أن تتناوب الدورات بالتوالي بين الرجال والنساء سيضطر مطبقي القانون للتعامل مع هذا الأمر ما دون ذلك فإن تولي المرأة منصب قيادي سيكون إما صدفة أو نساء مناضلات بقوة.
ما الرسالة التي توجهينها لصناع القرار بشأن مشاركة المرأة في ليبيا؟
أتمنى من مجلس النواب أن يسن قانون حماية المرأة من جميع صنوف العنف حيث أن مشروع القانون جاهز ويحتاج للإقرار فقط كما أتمنى من السلطة التنفيذية أن تضع في رؤيتها خطط حساسة نسوية.



