الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-12-05

10:31 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-12-05 10:31 صباحًا

كاتب يبوح بالأمكنة عبر مسامات نسغ النص

01

عوض الشاعري

كتب :

لا أطيق النزاعات أبداً … لا أحبها … غالباً ما أترك الكثير من الأمور التي تشوبها الصراعات … حتى و إن كان فيها منفعة مادية أو معنوية لي …. أفترِض حسن النية باستمرار حتى أشعر بالعكس …وأتنازل لكل من ينازعني عن طيب خاطر ، دونما ضجة ، هكذا ببساطة أنسحب بلا أي ضجيج … أحاول الخروج بسلام و أمنح كل من يريد فرصة للشعور بلذة الانتصار !!

الصحافي القاص والشاعر . عوض عبدالهادي الشاعري وليد في بنغازي عام 1960 م وتلقى تحصيله العلمي خاتما بمدرسة صلاح الدين دراسته الثانوية ومن بعد تحصل على دبلوم عالي في العلوم الإدارية والمالية .. ولم يتوقف عن التحصيل العلمي استزادة وتنمية للذات الموهوبة فالتحق بمعهد الأهرام الإقليمي للصحافة بالقاهرة ونال دلوما صحفيا عنه .. كما دبلوم في فنون العمل الصحفي من أكاديمية دويتشه فيله الألمانية .. ومستمرا في الارتقاء العملي والمعرفي التحق بدورة إعداد مدربين ونال بنجاح شهادة من معهد تقارير الحرب والسلام الدولي .

هذه هي روح المبدع وقلبه الذي يستوعب الجميع بحب ويفخر بمبدعي وطنه ويشيد بكتاباتهم المبدعة (عوض الشاعري مع مجموعة كبيرة قرأت كتاب القاص واللغوي الكبير سعيد العريبي ( مملكة الحيوان ) فعقب هو بموضوعية القارئ المتمعن على هامش حكاية : هنا يرقد الضمير وحكاية رباية الذايح وحكاية المؤذن كان له هامش تعقيبات عميقة رغم أن بعضها لم يتجاوز السطر الممعن فكانت :

** على هامش هنا يرقد الضمير 2003 // رغم بساطة هذا النص.. إلا أن الكاتب استطاع ببراعة توصيل الفكرة.. فشكراً للمبدع /سعيد العريبي.. ومزيدا من التألق والتجريب

** وعلى هامش حكاية رباية الذايح المنشورة في 4.10.2003 م // أخي سعيد أهنئك لأن أحد الكتاب العرب ، قد أستشهد بك وبكتاباتك وأقتبس منها الكثير في كتابه (عمر المختار ورجال حوله).

** على هامش حكاية المؤذن كتب الشاعري المنشورة في 9. مايو . 2004 م : لمن تصدح الديوك ؟ أجل هذا هو السؤال.. ربما كان على سيد الدجاج أن يستمر قليلاً في الصياح من أجل الذين يتوضئون بدمائهم عند الفجر ويقدمون أرواحهم قرابين مقدسة لبيوت بورك ما حولها .. ولثرى لامس أقدام الأنبياء .. شكراً أيها المبدع.. ومزيداً من التألق.

وكأني بهذا المكافح قد ولدي ليكون فقد كلف بعديد المهام والمسؤوليات الجسام وتقلد مناصب عديدة فهو في مدينته طبرق .. مدير فرع المؤسسة العامة للمسرح والسينما والفنون .. وهو مدير تحرير صحيفة المختار الأسبوعية . ومدير تحرير صحيفة طبرق الحرة . وكان رئيس تحرير صحيفة الملتقى أيضا . ورئيس تحرير صحيفة أخبار البطنان . مدير تحرير موقع الصياد الإلكتروني . منسق تحرير مجلة الفصول الأربعة . مدير الشؤون الإدارية برابطة أدباء البطنان . مدير مكتب الشؤون الإعلامية – طبرق . مدير مكتب الشؤون الثقافية – الثقافة والإعلام . وأسس بيت البطنان الثقافي وتولى إدارته . من العضويات المهمة التي لزمت موهبته الإبداعية ككاتب وصحفي أنه للآن بالطبع عضو النقابة العامة للصحفيين الليبيين وعضو اتحاد الأدباء والكتاب الليبيين كما ترأس العديد من اللجان الثقافية وأدار وأشرف على العديد من الندوات النقدية والأماسي الأدبية داخل ليبيا وخارجها.. تحصل على العديد من الجوائز وشهادات التكريم والتقدير.. وأنا أبحث عنه سيرة ومسيرة لأدرجها للقراء يتعرفونه عن قرب كنت أتصور أديبنا طبرقي أصيل ولكنني وجدت معلومة تقول إنه من مدينة بنغازي وارتحل مع العائلة صغيرا لطبرق وعاش هناك حتى لحظة سرد سيرته أمد الله في عمره .. ربما هذا مادفعه ليتحدث بهكذا حنين عن الأماكن حينما سئل ذات حوار عن علاقته بالأمكنة فقال :

الكاتب ابن بيئته كما يقال، ولا يستطيع بأي حال من الأحوال أن ينسلخ عن محيطه، حتى وأن حاول التحليق في عوالم الخيال والفنتازيا، فلا بد أن يشرئب المكان بعنقه من بين سطوره ولو على استحياء أو عن طريق التلميح، ولابد للقاريء أن يشم رائحة المكان من خلال الصور أو الكلمات أو عبر مسامات نسغ النص بطريقة ما، حتى وإن حاول الكاتب بأسلوبه مواربة ذلك أو تمويهه، إلا أن المكان كأحد العناصر في القصة يظل موجوداً وأن كان باهتاً ومشوشاً لدى كثير من الكتاب، وأن كان أطلالاً أو وهماً أو حلما أو عالماً يختلقه المبدع، ويتمنى أن يبني مدينته الفاضلة.

مع عديد الأنشطة الثقافية التي خاضها أديبنا القاص الصحافي الشاعر عوض الشاعري هو أيضا خاض عملا إعلاميا كمعد ومقدم لبرامج أدبية كما برنامجيه ( أدباء من بلادي // وعلى طريق الإبداع )) أما إبداعاته الأدبية فنشرت في صحف ومجلات محلية وعربية ودولية مثل : البطنان، العرب اللندنية، مجلة الثقافة العربية، مجلة الفصول الأربعة، الشرق الأوسط، مجلة “لا”، الملتقى، المؤتمر، الشمس، الشلال، الأحوال، طرابلس الغرب، اللواء، برنيسي، فسانيا، ليبيا الجديدة، دارنس، الصقور، أخبار الأدب ، المشعل، كواكب العقيلة ، الغرفة، كل الفنون، وغيرها … بللأهمية نتاجه الأدبي أحتفي بحرفه فترجمت بعض نصوصه إلى اللغات: السويدية، الإنجليزية، الفرنسية، العبرية.

كما مسرحت قصته طقوس العتمة بمعرفة المخرج المسرحي محمد المسماري ، ونص التماسيح بمعرفة المخرج حافظ عطية .. وكذا مسرحت نصوص أخرى له بمعرفة المخرج رمزي العزومي . ونحن في مجمل الحديث عن أعماله المتلقفة من قبل المهتمين بجودة النص لأعمال مسرحية أو لترجمات من شأنها تعريف القارئ بغير العربية بأدبائنا الأجلاء .. رأيت أن أذكر إصداراته الأدبية :

  • المجموعة القصصية طقوس العتمة – صدرت عن دار المؤتمر للنشر في يونيو 2005م .
  • المجموعة القصصية سطوة الكلاب صدرت في يونيو 2015 عن دار تانيت للنشر والتوزيع .
  • أما ديوانه الشعري ”  إلى لا طريق ” فصادر عن دار كتابات جديدة للنشر والإعلان والتوزيع عام 2016 م.

تحت الطبع مخطوطات عديدة نتمنى أن ترى النور قريبا : 

  • _ مجموعة قصص قصيرة جدًا: اشتعال.
  • _ ديوان شعري: قبل الوداع.
  • _ رواية : فوبيا النباح.
  • _ رواية : أصوات.
  • _ وجوه من مدينتي.
  • _ رواية : الطريق إلى كمبالا.

كم جميل أن يشعر المبدع بالأمان بين نتاجه الإنساني قصيدته الكبرى الحياتية .. فنراه بعد عمر بين الأوساط الاجتماعية والأدبية في مدينته يسير كفه معانقا كف شاب أنيق بهي الطلة حفظه الله اسمه جمال قال عنه ذات حب فطري لا يقاوم : إبني هو عكازي وفخري واعتزازي جمول رفيقي ربي يحفظه .

((( صورة الشاعري وابنه جمال )))

مع قصته القصيرة ( الطريد ) أترك قارئ مسيرة مبدعنا يستمتع بعد أن قرأه وعرفه إنسانيا وعمليا وعلميا يتعرفه إبداعيا أكثر وأكثر .. ومايزال مستمرا خفق نتاجه المثمر

الطريد _ قصة للأديب عوض الشاعري :

ترك كل شيء وخرج وحيداً يجرجر خطواته كالمهزوم.. لا أحد يتمنى له رحلة موفقة، ولا مودع.. سوى نباح الكلاب التي بدت وكأنها متواطئة مع أهل القرية على سوء معاملته والتعجيل برحيله خارج حدود القري

وقف لبرهة واستدار للخلف، ملقياً آخر نظرة على بيوت القرية التي ظهرت من بعيد كبيوت للأشباح، بلونها الرمادي الكئيب الغارق في بحر من اللون الأحمر الكابي، المنبعث من عين النهار الكبيرة المائلة نحو المغيب.

كان المنظـر برمته حالماً, لكنه بدا لناظريـه موغلاً في الكآبة، برغـم الأحاسيس المتضاربة التي يعج بها صدره، والتي بدأت تستيقظ فجأة لتضغط ببطيء وانتظام على جدار ذاكرته جاعلة إياه يستسلم في خدر لجلال لحظات الوداع القسري المهيب.

هنا وجد نفسه، منذ أكثر من ستة عشر عاماً، من طين هذه الأرض جبل، ما زال عبق النسمة الأولى التي تسللت إلى رئتيه لأول مرة متغلغلاً في تجاويف عقله، وهذا التراب الحبيب كم استف منه وهو طفل يحبو، وهذا الحيز الذي يراه الآن ليس به موطأ قدم إلا وطأه، حافياً ومنتعلاً كل أشجار التين اعتلاها بشقاوة الصغار وجنى ثمارها خلسة هو ورفاقه، كل حمير القرية امتطى ظهورها الواحد تلو الآخر في غفلة من أصحابها، قاطعاً بها أشواطاً طويلة وهو يمتشق سيفه الخشبي كمحارب قديم.

وهذه الكلاب التي ظهر جلياً وكأنها جاءت لتتشفى منه كم سامها سوء العذاب، حتى بهائم القرية لم تنج من عصاه الغليظة التي كان يهوي بها على أجسادها في قسوة.. متلذذاً بأنينها المكتوم, حتى طيور السماء كان ينصب لها الفخاخ والحبائل، متحايلاً عليها بطعم صغير، أو حبة قمح، ثم عندما تقع في شراكه كان يدق أعناقها في لذة وغرور.

كل شيء يشهد بأنه ابن القرية، وواحد من أفرادها, تلاميذ القرية يعرفونه جيداً ينادي الصغير باسمه حين لا يجد شطيرته التي سطا عليها وازدردها في لمحة عين، نساء القرية يعرفن “موسى” حق المعرفة، بجسمه النحيل ووجهه الأسمر المشوب بصفرة خفيفة، فكانت إحداهن عندما تفقد إحدى دجاجاتها، ترفع يديها نحو السماء مستمطرة اللعنات على رأسه الصغير، حتى الأعمى الوحيد بالقرية لم يسلم من شقاوته، فكان كلما تعثرت قدماه بحجر في عرض الطريق يبدأ في صب الشتائم كصنبور معطوب لعلمه المسبق بأنه وراء هذه الأفعال الدنيئة.

كان أهل القرية يتطيرون منه، بل كان بعضهم يستعيذ بالله منه، لدرجة أن “الحاج محمود” شيخ المسجد أفتى بوجوب رحيله كي ينزل الله المطر بعد سنوات القحط، وكي لا يعذب الله أهل القرية ما دام بين ظهرانيهم هذا المارق الملعون، الذي مات أبوه وهو في بطن أمه، وماتت أمه وهي تلده، ومات عمه بعد شهر من مولده، ومات كل من يمت إليه بصلة قربى قبل وصوله العام السادس.

كان يسترق السمع من خلال كوة صغيرة أعلى الجدار الشرقي لمسجد القرية الوحيد بعد صلاة العشاء الليلة البارحة, وكانت علامات الدهشة تطغى على ملامحه حين رأى من مكانه أشخاصاً لم يتعود رؤيتهم يرتادون المسجد، فطفق يفكر في كنه تواجدهم الليلة, حتى أقنع نفسه بأنهم قد أتوا لاجتماع مهم دعاهم إليه “مختار القري “:

ربما للتشاور في كيفية محاربة أسراب الجراد التي علموا بأنها في طريقها إليهم.

أو ربما حضروا للتوقيع على طلب للحصول على الكهرباء أسوة بالقرية المجاورة.

أو للنظر في عملية تعبيد الطريق الترابي الذي سيصل القرية بالطريق العام والتي تعثرت لنقص الموارد المالية.

كان سابحاً في بحور الخيال وكان الملأ يأتمرون به، حتى خرقت أذنه كلمات “الحاج عبد السلام” الذي قاطع شيخ المسجد قائلاً:

– ولكنك يا “حاج محمود” لم تكن مصراً على رحيله كهذه المرة.. هل لأنه دس الدبابيس بقطعة خبز التي أماتت كلبك؟.. وما يدريك لعل أحد الصبية الأشقياء فعل ذلك؟.. ربما هو بريء هذه المرة،

وهنا وقف الشيخ كالمصعوق متكأً على عصاه وهو يقول:

– لا أنه هو، لقد شاهده الأطفال وهو يلقي بقطعة الخبز.

قالها الشيخ جازماً قبل أن ترتفع كل الأصوات لتؤيده في ضرورة رحيله غداً قبل أن يحل الخراب بالقرية.

لم يكن يتصور أنهم جادون، وأنهم عازمون حقاً على طرده حتى أنه أخرج لسانه في الظلام وغادر المكان قبل خروجهم، مسرعاً نحو كوخه الصغير الذي صنعه بمفرده من أغصان الأشجار الميتة وألواح القصدير الصدئة.. هناك على أطراف القرية بجانب شجرة التين العملاقة التي زرعها جده في الزمن الغابر.

بدأ الظلام يلف القرية بستائره الكثيفة فبدت من بعيد وكأنها تغرق في لجة معتمة ليس لها قرار فتوقف عن الاسترسال في استرجاع الأحداث واستدار للخلف، ومشى بخطوات متثاقلة كأنه ينتشل قدميه من وحل ثقيل، تراءت له على مدى الأفق الضارب في البعد هالة من الضوء المتألق تتسامى نحو السماء رويداً, رويداً.

ترى أهي بداية ليل طويل..؟

أم هو فجر جديد قد انتظر طويلاً.. وحان وقت بزوغه.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications