المشاركة السياسية للمرأة في ليبيا ترتبط بعدة معطيات وخلفيات وتطورات بعضها سياسي وأمني وبعضها اجتماعي وثقافي ناهيك عن الجانب القانوني.. كل هذه الأبعاد ألقت بضلالها على وجود المرأة في المشهد السياسي بليبيا.
المشاركة السياسية للمرأة في ليبيا كانت محور حديثنا مع أستاذة العلوم السياسية والإدارة العامة في جامعة بنغازي وعضو اللجنة الاستشارية، عبير أمنينة.
كيف تقيّمين تمثيل المرأة الليبية في المؤسسات السياسية الحالية ؟
بالرغم من وجود نسبة من النساء تصل إلى 16% في السلطة التشريعية إلا أن هذا الأمر لازال دون المتوقع لأننا نطمح لحد أدنى 30% من نسبة الكوتة المخصصة للنساء. وأرى أن الأمر يتحسن قليلا على مستوى البلديات لكن على مستوى السلطة التشريعية لازلنا متقوقعين حول نسبة 16%
وأرى أن الأمر أفضل قليلا بالنسبة للسلطة التنفيذية حيث كانت حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت عقب اتفاقية جنيف كانت نوعا ما إيجابية بالنسبة لمشاركة النساء حيث وجدنا سيدات على رأس وزارات سيادية مثل العدل والخارجية بالإضافة إلى وكيلات ومستشارات ونحن لازلنا نؤسس لمرجعية ونأمل في المرات القادمة أن يكون العدد مقترن بالفاعلية والقدرة على التأثير والقيادة والمعرفة التي هي مفتاح التأثير فعندما يتم اختيار النساء بناء على محاصصة قبلية أو فئوية تبقى المشاركة مجرد مشاركة شكلية في الوزارة.
في المقابل فإن انتخابات الهيئة التأسيسية وضعت 10% فقط نسبة المشاركة النسائية من واقع 60% وهي نسبة مخيبة جدا للآمال ومجحفة وبالتالي فإن القانون هو الأساس في مشاركة النساء من عدمها ويجب أن يتم التأني في وضع القانون وتفسيرها لأنه أحيانا يفسر بشكل يقلل من مشاركة المرأة ويتم التحايل على ذلك كما حدث في قانون 59 لنظام الإدارة المحلية الذي نص على وجود مرأة واحدة على الأقل فأصبحت النظم الانتخابية تصر على وجود امرأة واحدة فقط مع أن القانون وضع ذلك كحد أدنى وليس أعلى.
برأيك، ما الأسباب الرئيسية وراء ضعف تمثيل النساء في المناصب القيادية؟ هل هي ثقافية أم سياسية أم قانونية؟
هي جملة من الأسباب وأعتقد أن التحديات القانونية على رأس هذه الأسباب حيث نجد أن القوانين عندما لا تأخذ بعين الاعتبار تواجد النساء وتعمل على تخصيص دوائر انتخابية للنساء بشكل جيد في مناطق يفترض أن يتم فيها تمثيل النساء تمثيل عالي فأعتقد أن هذا يتضمن إقصاء ممنهج للنساء من المشاركة في العملية السياسية وهذا لاحظناه في العملية الانتخابية حيث تم إهمال مشاركة النساء في الكثير من المناطق.
ما رأيك في تجربة مشاركة المرأة في المجالس التشريعية والتنفيذية؟
هناك تباين فهناك نساء استطعن التأثير على مستوى السلطة التشريعية أما على مستوى السلطة التنفيذية فإن التأثير فيها يكون أكثر وضوحا لكن السياق العام ما بعد الحرب يجعلنا نترفق بتقييم الوزيرات لأن حالة الاستقرار تحد من هامش الصلاحيات الممنوحة للنساء
هل تعتقدين أن البيئة الاجتماعية ما زالت غير متقبلة لفكرة “المرأة القائدة”؟
هناك ثقافة دينية سائدة قد تكون معيق لاندماج النساء في العملية السياسية كما أن القيم المجتمعية ترى أن المرأة يجب أن لا تدخل في عالم الرجال بالإضافة للتحديات المتعلقة بالتمويل إلى جانب ضعف حشد التأييد للنساء في مجتمع قبلي وهي تحديات تمنع النساء من الانخراط بفاعلية في العملية السياسية
ما الدور الذي تلعبه القوانين والتشريعات في تعزيز أو تقييد مشاركة النساء؟
القوانين مهمة جدا لأنها تعجل وتختصر الكثيرمن الوقت الذي تحتاجه المرأة للتواجد في المؤسسات المنتخبة فلو عدنا لانتخابات المؤتمر الوطني فإن القانون هو الذي نص على تواجد المرأة في القوائم الحزبية بشكل أفقي ورأسي وبشكل تناوبي بالمناصفة مع الرجال وهذا سمح للمرأة أن تنخرط في الأحزاب والعملية السياسية
هناك قانون لاحق لانتخابات مجلس النواب جاء بكوته للنظام الفردي لكن نأمل أن تكون الانتخابات القادمة قائمة على الاثنين (فردي وقائمة) تمثل فيه المرأة بشكل أفقي ورأسي.
كيف أثّرت الظروف الأمنية والانقسام السياسي في ليبيا على فرص النساء في التقدم للمناصب العامة؟
أثرت السياقات المرتبكة على النساء حيث أن الواقع يشير إلى وجود استجابة لضغوط أممية ومحاولة إظهار أن المرأة موجودة الآن حتى إن كانت فرصها صفرية ففي المناصب العامة لو وجدت المرأة فإنها تخضع لمنطق المحاصصة الجهوية والقبلية والفئوية والجماعات الدينية والمسلحة ومن يتبنى قيم المدنية يجد نفسه مهمش وتم إبعاده تلقائيا من هذه العملية لأنه لا حاضنة تدفع به للأمام
هل هناك مؤسسات أو مبادرات فعالة تدعم المرأة الليبية في الوصول إلى مواقع صنع القرار؟
بالطبع هناك مبادرات كثيرة من المجتمع المدني الذي يدعم مشاركة النساء في العملية الانتخابية ولكن آخر مشاركة للنساء كانت في اللجنة الاستشارية حيث عدلت اللجنة من قوانين6+6 التي أعطت نسبة قليلة جدا للنساء وتم رفعها إلى 30% وهي النسبة المنشودة في المرحلة القادمة.
برأيك لماذا لم تطرح النساء الليبيات في المناصب السيادية؟
المناصب السيادية فتحت للتقديم لكن لم يتم الترويج لهذا الأمر بالشكل المناسب حتى تقدم النساء ملفاتها لهذه المناصب أو تم الاعتقاد أنها مناصب للرجال فقط حيث أن هناك ضبابية في تلك الفترة خاصة وأنها مرتبطة بمناكفات بين مجلسي النواب والدولة الأمر الذي جعل الرؤية غير واضحة للنساء ليقدمن ملفاتهن بالإضافة إلى أن تولي المناصب السيادية يحتاج لتصويت وهو قائم على خلفيات عديدة بعضها قبلي وجهوي ليس متاح لكل النساء
ما الرسالة التي توجهينها لصناع القرار بشأن مشاركة المرأة في ليبيا؟
أرى أن الأساس هو القانون الذي يجب أن ينص على دعم المرأة أما صانع القرار فلا يمكن أن يمنع تطبيق القانون.
