في خطوة أثارت قلق الأوساط الحقوقية، بدأت السلطات القضائية التونسية محاكمة عدد من النشطاء الحقوقيين في مجال دعم اللاجئين والمهاجرين، من بينهم مسؤول سابق في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وانتقدت منظمات غير حكومية ذلك بشدة واعتبرتها “تجريما للعمل الإنساني”.
وبدأ القضاء التونسي يوم الخميس أولى جلسات محاكمة عدد من النشطاء الحقوقيين، من بينهم مصطفى الجمالي، المسؤول السابق في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي يحمل الجنسية السويسرية أيضا إلى جانب التونسية. ويواجه النشطاء اتهامات تتعلق بمساعدة المهاجرين ، في قضية أثارت انتقادات واسعة من منظمات غير حكومية اعتبرتها “تجريما للعمل الإنساني”.
وخلال الجلسة الأولى، طالب فريق الدفاع بتأجيل النظر في القضية، ودعا إلى الاستماع لشهادة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، باعتبار أن المجلس التونسي للاجئين يعمل كشريك تنفيذي للمفوضية بموجب اتفاقية قانونية، وينفذ برامجها بتمويل كامل منها، وفقا لما صرحت به المحامية منيرة العياري.
وقد طالبت العياري بالإفراج المؤقت عن المتهمين المحتجزين، إلا أن القاضي رفض الطلب وقرر تأجيل النظر في القضية إلى 24 نوفمبر. وأشارت العياري إلى أن الجمالي يعاني من ظروف صحية متدهورة، ولم يعد قادرا على تحمل ظروف السجن، خاصة وأنه تجاوز مدة الاحتفاظ القانونية البالغة 14 شهرا، إذ يقبع في السجن منذ 18 شهرا.
وأكدت ابنته، يسرى الجمالي، لوكالة فرانس برس أن والدها “لم يعد يستطيع الوقوف، ومن الصعب جدا رؤيته في هذه الحالة”.
يُذكر أنه تم توقيف المتهمين في مايو 2024، بالتزامن مع حملة طالت نحو عشرة نشطاء في المجال الإنساني، من بينهم شريفة الرياحي، رئيسة جمعية “تونس أرض اللجوء”، وسعدية مصباح، رئيسة منظمة “منامتي”.
ووصفت أنطونيا مولفي، المديرة التنفيذية لـ”مكتب العمل القانوني العالمي”، الذي يمثل المتهمين دوليا، التوقيف بأنه “إجراء تعسفي يشكل انتهاكا لالتزامات تونس الدولية”، مؤكدة أن الجمالي والكريمي أوقفا فقط بسبب عملهما الإنساني المشروع.
من جانبه، ندد “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” بما وصفه “تجريم المساعدة” للمهاجرين واللاجئين، وأعرب عن دعمه الكامل للمجلس التونسي للاجئين.
وتأتي هذه التطورات في سياق خطاب ألقاه الرئيس التونسي قيس سعيّد في فبراير 2023، انتقد فيه وصول جحافل من المهاجرين غير النظاميين، من دول إفريقيا جنوب الصحراء، حسب قوله، معتبرا أنهم يهددون “التركيبة الديموغرافية” لتونس. وقد أعقب ذلك طرد عشرات المهاجرين من المدن الكبرى، وإجلاء أخرين بجهود من بلدانهم الأصلية.
