بعد أكثر من قرن على غرق السفينة البريطانية “إندورانس” التي رافقت المستكشف الشهير إرنست شاكلتون في رحلته التاريخية إلى القارة القطبية الجنوبية عام 1915، كشفت دراسة علمية حديثة أن سبب غرقها لم يكن تدمير دفّتها كما اعتُقد طيلة السنوات الماضية، بل ضعف هيكلي في تصميمها، كان شاكلتون على علمٍ به قبل الإبحار.
وأوضح الدكتور جوكا توهكوري، الأستاذ في قسم الطاقة والهندسة الميكانيكية بجامعة “آلتو” الفنلندية، في بحث نُشر في مجلة Polar Record، أن السفينة افتقرت إلى عوارض الدعم الداخلية المائلة التي تحمي هياكل السفن الخشبية من ضغط الجليد البحري، مشير إلى أن تصميمها الأصلي لم يُعد لتحمّل ظروف القطب الجنوبي القاسية.
وبيّن توهكوري أن “إندورانس” بُنيت أساساً للاستخدام السياحي في القطب الشمالي، تحت اسم “بولاريس”، وكان الهدف منها تسيير رحلات للأثرياء لصيد الحيوانات القطبية، قبل أن يشتريها شاكلتون عام 1914 لتكون سفينة استكشافية، رغم إدراكه لمحدودية قوتها مقارنة بسفينته السابقة “نيمرود”.
وبحسب الدراسة، فإن مراسلات شاكلتون الشخصية أكدت وعيه بمشكلة غياب العوارض المائلة، إذ سبق أن نصح المستكشف الألماني فيلهلم فيلشنر باستخدامها في سفينته “دويتشلاند”، التي نجت بالفعل من ضغط الجليد عام 1912 بفضل هذه التعزيزات.
وأشار توهكوري إلى أن شاكلتون ربما تجاهل شكوكه تحت ضغط الرغبة في خوض مغامرة جديدة قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، موضحًا أن المخاطرة كانت جزءًا من روح الاستكشاف في ذلك العصر، حيث تراوح معدل الوفيات في البعثات القطبية بين 6% و9%.
من جانبه، قال الدكتور روس ماكفي، كبير أمناء المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك، الذي شارك في خمس بعثات إلى القارة القطبية الجنوبية، إن السفن التي تُحتجز وسط الجليد تكون “تحت رحمته تمامًا”، مؤكدًا أن فشل “إندورانس” في مقاومة الضغط لم يكن استثناءً بل نتيجة طبيعية لافتقارها للدعم الداخلي.
ويُذكر أن شاكلتون، رغم خسارته سفينته، كتب فصل خالد في تاريخ الاستكشاف بتمكنه من إنقاذ جميع أفراد طاقمه، وهو ما حوّله إلى أسطورة بطولية ظلّت تهيمن على السرد التاريخي لأكثر من مئة عام، قبل أن تُعيد هذه الدراسة فتح ملف الغرق من منظور هندسي جديد.
