كلمة القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر، خلال لقاءه بمشايخ وأعيان وحكماء قبائل فزان في مدينة المشير خليفة حفتر العسكرية.
وجاء في كلمة القائد العام:
بسم الله الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ولاه وأرحب بكم في هذا اللقاء المبارك وأُحَيي فيكم دوركم الوطني في تعزيز السلم الاجتماعي، ودعمكم اللامحدود لقواتكم المسلحة ولثورة الكرامة التي هزمت الإرهاب، وقضت على التطرف. ومن منطلق حرصنا على أن يحظى الجنوب بما يستحق من اهتمام ودعم، أطلقنا مبادرة معاً للجنوب، وأرسلنا وفدا يمثل القيادة العامة للقوات المسلحة للوقوف مباشرة على احتياجاته والعمل على تذليل أية صعوبات يواجهها أهلنا هناك.
أيها الإخوة الأعزاء لا بد أنكم تدركون أن ثورة الكرامة لا تقتصر رؤيتها وغاياتها على هزيمة الإرهاب بل تمتد الى آفاق واسعة كان البيان الأول لمعركة الكرامة نقطة الانطلاق إليها، وكان أرواح شهدائنا ودماء جرحانا الثمن الباهظ الذي دفعناه؛ ليحيى الوطن عزيزا، ويعيش الليبيون على أرضهم أسيادا مرفوعي الرأس بعزيمة وبعزة وكبرياء، وكما تعلمون أيضا أن الطريق لم يكن يوما مفروشا بالورود، لكننا رغم كل الألغام التي زرعت فيه والأسلاك الشائكة التي أحاطت به استطعنا أن نقطع مشوارا طويلا في مسيرة تحقيق الأمن والاستقرار، وفي معركة البناء والإعمار وفي تعزيز روح الوطنية والافتخار بالانتماء الى هذا الوطن العزيز.
بعد هذا المشوار الطويل من الكفاح ننبه الى أننا نقف عند نقطة مفصلية تفرض علينا اتخاذ القرار الحاسم بشأن المشهد السياسي المتأزم لنتمكن من مواصلة المسيرة نحو بناء الدولة بعد أن منحنا ما يكفي من الوقت لكل المبادرات والمساعي المحلية والدولية لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة دون جدوى.
إن مسؤولية اتخاذ القرار في أحداث التغيير الجذري في المشهد السياسي الذي ألحق الضرر البالغ بالوطن والمواطن؛ حتى طال السيادة وأصبح يهدد وحدة البلاد وتماسكها المجتمعي، ويشكل خطرا على مستقبل البلاد، تقع على عاتق كل الليبيين، إنها مهمة تمس كيان الوطن بكامله لقد آن الأوان للشعب الليبي أن يصدر قراره الحاسم، ويعلن موقفه بكل وضوح من جميع المسارات السياسية المتشابكة والمتقاطعة في المشهد الليبي بناء على ما أفضت اليه من نتائج، وتأثيرها على نمط حياته، عليه أن يفصح عن مدى استعداده لِتَحَمُّل المزيد من المعاناة، ومنح الفرص المتتالية لمعالجة الوضع السياسي المتردي بالأسلوب العبثي الذي عهدناه طيلة السنوات الماضية، وعليه الشعب أيضاً أن يجري تقييما شاملا لحال البلاد وأن يتخذ قراره الحاسم لانطلاق مرحلة جديدة من العمل الوطني الجاد ويعالج كل الأزمات السياسية وغيرها التي تعيق بناء الدولة مرحلة جديدة يكون فيها الشعب هو السيد والوصي على نفسه في تقرير مصيره.
أيها السادة الأفاضل إن إقصاء الشعب عن مسار تقرير المصير، ورسم خارطة الطريق نحو بناء الدولة هو الذي أفضى إلى تعدد المراحل الانتقالية المتطابقة في كل مواصفاتها وخصائصها ما أدى إلى تأزم المشهد السياسي وتوقف عجلة التقدم في بناء الدولة.
وعليه لابد أن تكون المرحلة القادمة متطورة في معالمها وطبيعتها، ومتميزة بكونها وليدة حراك شعبي واسع، تقوده وتشارك فيه القوى الوطنية الحية، وفي طليعتها شيوخنا وحكماؤنا الأفاضل، فهذا حراك يضم كل شرائح المجتمع في المدن الليبية كافة، وليس أمام مؤسسات الشعب على مختلف مستوياتها من أعلاها الى أدنها، إلا الخضوع التام لما يقرره الشعب في هذا الحراك، والتخلي عن أي مسار لا يستمد شرعيته من الشعب مباشرة. وستجدون قواتكم المسلحة في مواجهة كل من يتصدى لقرار الشعب واختياراته. وعلى القوى الوطنية في كل ربوع ليبيا أن تتنادى وتُوَحِّد كلمتها وصفوفها في خط واحد، هدفه بناء ليبيا جديدة، وأن تخلع ثوب السلبية والاتكالية والسكون، وتسهم بفعالية في صناعة المشهد الجديد الذي يمهد لمرحلة الاستقرار الدائم، وتبني فيه الدولة الليبية الواحدة على قواعد صُلبة تصان فيها السيادة الوطنية وكرامة الوطن وحقوقه.
أيها السادة الكرام مثلما كنتم خير سند لمعركة الكرامة ضد الإرهاب، ودفعتم بأبنائكم للانضمام إلى صفوفها وناصرتم القوات المسلحة وهي تؤدي واجبها الوطني في الدفاع عن الوطن وبسط الأمن، ومثلما يعتمد عليكم الشعب في الحفاظ على التماسك الاجتماعي وحرصكم على أن يسود التصالح والتسامح والوئام في المجتمع الليبي بكامله فإننا نتطلع اليوم إلى دوركم في المساهمة الفعالة ضمن حراك وطني منظم وجاد يعالج الأزمة السياسية من جذورها ويرسم خارطة طريق نابعة من الإرادة الشعبية مباشرة تطوي صفحات المراحل السابقة، وتفتح أبواب المستقبل المزدهر وتحقق للشعب الليبي أمانيه، وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
