عبدالرزاق الماعزي
ليس الفرق بين ( حناي ) و ( جداي ) .. سوى حرفين. وهذا مكان للعلاقة بين سالم و عبدالوهاب أن تظل متينة.
ريفية ( جداي ) .. أعطت سالم نكهة شخصية سائغة عند عبدالوهاب .. والجيرة أتاحت لأم فطومة أن تضع في سفرة الشاي كعكة حلوة فسيحة اﻻستدارة .. تلعب بريق سالم على مهل .. وتجعل فمه يتذوق شيئا غريبا يسرق في خفاء .. خفقه
. عندما يستمع إلى أغنية عن جارة رحلت, حتى وإن كانت فطومة لم ترحل .. ففي سنين تلت .. رحل سالم .. وقد حرص سالم في مر من صحبتهما إن لغط مع عبدالوهاب على عتبة مربوعة بيت اﻷخير أن يقول ” حناي ” بدﻻ من جداي .. وقد أحنى جفنيه كثيرا وهو يجيب أم فطومة عن أسئلتها عن صحة ( حناه ) …
سمعت أم فطومة عما لقي سالم من حظ في حياته في منقلب الزمن .. تكاد اﻷخبار ﻻ تسمع في عجيج عواء العربات .. والكعك الحلو يتخلى عن اتساعه .. وتعجز فطومة عن أن تبث نفحة من نفس يدور مع دورة الكعكة المتحدثة بثقة إلى ميزان خفق سالم بضفيرة سكرية.
حتى عبدالوهاب أخذ في خدش صوته .. داخلا من السقيفة .. وفطومة تتبادل نظرات مع أمها .. متأخرا مع كل هذا الحذق أن يمسك بكل حظوظ سالم.
مر سالم من أمام بيت عبدالوهاب .. ولوحت ضحكة فطومة جذﻻ .. وعابثت سالم .. الذي حدثها قليلا ,, كاشفا عن ما بدا لوهلة ارتباكا .. تجاوزه سريعا .. متحدثا في السياق عن ( جداه ) .. بينما فطومة تعلق نظرها به .. وعندما بزغ عبدالوهاب من مكان ما فجأة .. كان يبدو كما لو كان يريد أن يبدي ملاحظة صريحة حول ما ارتداه سالم من غلالات السنين العاوية عبر زحام المرور الذي يبتلع المدينة بعجرفة ..
وﻷمر ما أدرك أن فطومة كانت تريد أن تهدئ من تفلته .. و عرف أنه ليس مجرد عاطفة .. وأنها تريد أن تشعره بأن عشرة سالم كانت في جزء منها معهم .. بينما منقلب السنين أغمد لهجته في ضرام مستعر آخر ..
