أثارت تصريحات وزير التربية والتعليم المكلف بحكومة الوحدة الوطنية علي العابد لمنصة الصباح، التي تحدث فيها عن وجود معلمين في عدد من المدارس «يتعاطون المخدرات»، موجة واسعة من الجدل والانقسام في الأوساط التعليمية والإعلامية، بين من اعتبرها إساءة مباشرة للمعلمين، ومن رأى فيها كشفًا شجاعًا لواقع يحتاج إلى مواجهة.
نقابة المعلمين تطالب بالاعتذار
فمن جانبها أصدرت النقابة العامة للمعلمين في بنغازي بيانًا شديد اللهجة طالبت فيه الوزير بتقديم اعتذار علني وفوري، معتبرة أن تصريحاته «إساءة صريحة ومباشرة للمعلمين الليبيين الذين يؤدون رسالتهم التربوية رغم الظروف الصعبة».
وأكد البيان أن «كرامة المعلم خط أحمر لا يُقبل المساس بها تحت أي ظرف»، داعيًا السلطات التشريعية والتنفيذية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«حماية كرامة المعلم ورد اعتباره».
وزارة التعليم توضح وتؤكد
في المقابل، أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانًا توضيحيًا أوضحت فيه أن حديث الوزير «لم يكن تعميمًا أو مساسًا بالمعلمين الكرام»، بل جاء في سياق «الإشارة إلى بعض الحالات الفردية التي تستوجب اتخاذ إجراءات تنظيمية مثل التحليل الطبي وفق ما نص عليه قانون العمل».
وأكد البيان أن الوزير «يُعرب عن بالغ تقديره واحترامه لجميع المعلمين»، داعيًا النقابة إلى الحوار المشترك من أجل تعزيز بيئة مدرسية آمنة وتحسين العملية التعليمية.
نقابة المعلمين تصعد بعد بيان الوزارة
أصدرت اللجنة التسييرية للنقابة العامة للمعلمين في ليبيا بيانا أعلنت فيه تصعيد موقفها تجاه وزير التربية والتعليم، بعد ما وصفته بـ«إصراره على عدم الاعتذار» عن تصريحاته الأخيرة بشأن وجود معلمين يتعاطون المخدرات.
وجاء في البيان أن النقابة كانت تنتظر من الوزير «ردًا إيجابيًا وتراجعًا عن تصريحاته المهينة بحق المعلمين»، مؤكدة أنها كانت مستعدة لفتح صفحة جديدة في حال قدّم اعتذاره، إلا أن «إصراره على الصمت وعدم الخروج ببيان اعتذار» دفعها لاتخاذ خطوات تصعيدية.
وشملت مطالب النقابة خروج الوزير في بيان مصوّر لتقديم اعتذار علني للمعلمين كافة، المطالبة بإعفاء الوزير علي العابد من مهامه بعد تقديم الاعتذار، رفض أي حوار مع الوزير الحالي، معتبرة أنه «أهان المعلمين ولا يستحق تمثيل قطاعهم»، وتكليف اللجان التسييرية بالمنطقة الغربية والبلديات بمتابعة تنفيذ هذه المطالب عبر الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات والاعتصامات، إضافة إلى مطالبة النائب العام بالتدخل لردّ اعتبار المعلمين عما لحق بهم من «إهانة واضحة».
وأكد البيان على أن «أي إصلاح جذري لمنظومة التربية والتعليم يبدأ من تحسين وضع المعلم»، مشددًا على أن كرامة المعلم خط أحمر لا يمكن التنازل عنه.
رئيس هيئة الصحافة يدعم
من جهته، كتب رئيس الهيئة العامة للصحافة عبد الرزاق الداهش مقالًا بعنوان “التعليم أمن قومي”، اعتبر فيه أن الوزير لم يخطئ حين تحدث عن وجود بعض المعلمين المتورطين في سلوكيات غير لائقة، مشيرًا إلى أن «الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل»، وأن «رفض التغيير هو المشكلة الأكبر في قطاع التعليم».
انتقادات حادة
وفي المقابل، رد الناشط أسامة الشكماك بانتقادات حادة للوزير، واصفًا تصريحاته بأنها «جريمة أخلاقية بحق المهنة والمعلمين»، مطالبًا باستقالته الفورية، معتبرًا أن «المعلم هو منارة الوطن، لا يجوز المساس بكرامته».
كما حمّل الشكماك حكومة الوحدة جانبا من مسؤولية الإخفاق الذي تعاني منه الوزارة.
الاعتراف بوجود حالات فردية
وبين هذا وذاك، يرى عدد من المتابعين أن جوهر الأزمة لا يكمن في وجود حالات فردية، بل في طريقة تناولها العلني من قبل الوزير، ما فُسّر على أنه تعميم يمسّ سمعة قطاع بأكمله.
بينما يرى آخرون أن الوزير عبّر بصراحة عن واقع معروف داخل بعض المدارس، وأن السكوت عن الحقيقة «ليس حلاً، بل مشاركة في الخطأ».
وفي ظل هذا الجدل، تبقى الحاجة إلى حوار هادئ ومسؤول بين الوزارة والنقابات التعليمية ضرورية، لتصحيح المسار، وحماية كرامة المعلم، مع العمل الجاد على معالجة أي ظواهر سلبية تمسّ قدسية المهنة التي تُعد أساس بناء الأجيال ومستقبل الوطن.
