تحول الفتى النيجيري جيمي أوفويان، الذي عانى لسنوات من ويلات الفقر والاتجار بالبشر في ليبيا، إلى أحد أبرز حلاقي المشاهير في أوروبا، في قصة ملهمة تختصر معاناة آلاف المهاجرين الأفارقة الذين خاضوا رحلة الموت بحثًا عن حياة أفضل.
جيمي، المنحدر من مدينة بنين النيجيرية، غادر بلاده مراهقًا دون جواز سفر أو خطة واضحة، هربًا من الفقر واليأس، لكن طريق الهجرة قاده إلى ليبيا، حيث اعترضته عصابات الاتجار بالبشر والتهريب وتعرض للتعذيب والتجويع والبيع مرات عدة، قبل أن ينجو من الموت ويعبر البحر المتوسط بعد انقلاب قاربه، ليصل أخيرًا إلى إيطاليا.


سنوات من التيه قضاها جيمي بين مخيمات اللاجئين والرفض المتكرر لطلبات لجوئه، حتى أنقذته ورقة ضريبية نسيها من عمل مؤقت في مزرعة، لتمنحه فرصة الحصول على إقامة قانونية. عندها قرر أن يبدأ من الصفر، حاملاً ماكينة حلاقة وموهبة صقلتها الشوارع.
بدأ جيمي بقص الشعر في منازل المهاجرين وشوارع المدن الإيطالية، حتى تعرف عليه أحد لاعبي كرة القدم، ليصبح أول زبون مشهور لديه، ومن تلك اللحظة وُلدت علامته التجارية “360Kuts” التي جمعت بين الجوع والأمل والعمل الدؤوب.
انقلبت حياته رأسًا على عقب حين تلقى اتصالًا من مصمم الأزياء الشهير روهيجي فيلاسينيور، مؤسس علامة Rhude، يدعوه إلى العمل معه في فعالية ببحيرة كومو الإيطالية. وهناك التقى جيمي بعدد من المشاهير، من بينهم مغني الراب الأمريكي DDG ونجم “تيك توك” العالمي خابي لامي، الذي أعرب عن إعجابه بمهارته وقال إن أحدًا لم يتقن قصة شعره بهذا الشكل من قبل.


بعد تلك الليلة، فتحت الأبواب أمام الحلاق الشاب، إذ بدأت دور أزياء كبرى مثل هوجو بوس ولويس فويتون بالاتصال به، وظهرت أعماله في مجلة “فوغ إيطاليا”، ليتحول من مهاجر نجا من العبودية إلى اسم لامع في عالم الموضة الأوروبية.
لكن جيمي يرى أن النجاح الحقيقي ليس في الشهرة أو المال، بل في الحرية — حرية الحركة، وحرية الإبداع، وحرية العيش دون خوف. يقول: “النجاح بالنسبة لي هو أن أستطيع أن أتنفس بحرية، وأن أجعل الناس يشعرون بالثقة والجمال”.
واليوم، يعمل جيمي على تأسيس “أكاديمية 360” في نيجيريا لتدريب الشباب على مهارات الحلاقة وريادة الأعمال والتسويق والاتصال، ساعيًا إلى تحويل تجربته من الألم إلى مصدر إلهام وتمكين للأجيال القادمة.

ويختم قائلاً: “أريد أن أعود إلى بلادي، وأسير في شوارعها بفخر، ليقول الناس: مرحبًا بك في الوطن يا جيمي، لقد صنعت مجدك بيديك”.
قصة جيمي أوفويان ليست مجرد حكاية عن النجاح بعد المعاناة، بل شهادة حيّة على قدرة الإنسان على تحويل الجراح إلى طاقة خَلْق، والألم إلى فنٍّ يُلهم العالم.
