يبدو أن فصلا جديدا من فصول الحرب السودانية سيبدأ مع إعلان قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر بعد معارك طويلة مع الجيش السوداني الذي كانت الفاشر أخر معاقله في دارفور.
الفاشر تحت سيطرة الدعم السريع
أعلنت “قوات الدعم السريع” سيطرتها على مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، مؤكدة سيطرتها على مقر “الفرقة السادسة مشاة”، آخر مقرات الجيش في الإقليم.
وأظهر مقطعا فيديو نشرتهما قوات الدعم السريع، الأحد، جنودها وهم يهتفون أمام لافتات تشير إلى قاعدة المشاة السادسة التابعة للجيش. وتمكنت وكالة “رويترز” من التحقق من الموقع، لكن دون تحديد التاريخ. ولم يصدر الجيش السوداني بيانا فوريا بشأن تموضعه الحالي.
وسيمثل الاستيلاء على الفاشر انتصارا كبيرا لقوات الدعم السريع، قد يعجل بتقسيم البلاد، من خلال تمكينها من ترسيخ سيطرتها على إقليم دارفور الشاسع، الذي زعمت أنه مقر حكومة موازية تم تشكيلها خلال هذا الصيف.
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع، السبت، سيطرتها على مدينة بارا في شمال كردفان، الولاية التي تشكل حاجزًا بين دارفور والعاصمة السودانية والنصف الشرقي من البلاد الخاضع لسيطرة الجيش.
الفاشر.. 18 شهرا من المحاصرة
بدأ حصار الفاشر في 10 مايو 2024 حين طوقت “قوات الدعم السريع” المدينة من الجهات الأربع، متهمة الحركات المسلحة المساندة للجيش في إقليم دارفور بـخرق تعهداتها بعدم المشاركة في الحرب إلى جانب أي من طرفيها.
وفي نوفمبر 2023، خرجت كل من “حركة جيش تحرير السودان” بقيادة مني أركو مناوي، و”حركة العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، وحركات أخرى صغيرة، عن موقف الحياد المعلن، وأعلنت الانحياز إلى الجيش والقتال معه ضد قوات الدعم السريع، بعد أشهر من بقائها في الحياد.
ووقتها، كانت ،الدعم السريع، قد أحكمت حصارها على غرب ووسط وشرق وجنوب دارفور، ولم يبقَ سوى شمال دارفور، حيث مدينة الفاشر والفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش. ووقتها قال مناوي، حاكم إقليم دارفور، والقائد الفعلي للقوة الموالية للجيش التي عرفت باسم “القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، إن الحياد تم التوافق عليه بعد ثلاثة أسابيع من الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، لحصر النزاع بين الجيش والدعم السريع بغرض حماية المدنيين.
سيناريو ما بعد سقوط الفاشر
وبعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر بشكل كامل، يعني ذلك حسب محللين سيطرتها على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، وتقسيم البلاد بين شرق يسيطر عليه الجيش وغرب تحت سيطرة الدعم السريع.
ويتمدد إقليم دارفور في أكثر من ربع مساحة البلاد، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 493 ألف كيلومتر مربع، وتقدر نسبة سكان الإقليم بنحو 17 بالمئة من إجمالي تعداد سكان السودان البالغ نحو 48 مليون نسمة.
وتكمن أهمية إقليم دارفور في أنه يشكل العمق الاستراتيجي الداخلي والخارجي للسودان، إذ يرتبط الإقليم بحدود مباشرة مع 4 دول، هي ليبيا من الشمال الغربي، وتشاد من الغرب وإفريقيا الوسطى من الجهة الجنوبية الغربية، إضافة إلى دولة جنوب السودان.
والأسبوع الماضي استضافت واشنطن اجتماعا للمجموعة الرباعية بشأن السودان، التي تضم مصر والسعودية والإمارات إلى جانب الولايات المتحدة، من أجل الدفع في اتجاه السلام وهدنة إنسانية، وفق بيان أميركي.
ولم تسفر المفاوضات حتى الآن عن التوصل الى اتفاق بين الجانبين المتحاربين، رغم المطالبات الأممية والدولية بهدنة إنسانية لا سيما في الفاشر التي تعاني من المجاعة وتفشي الأوبئة.
الأمم المتحدة تطالب بممر أمن للمدنيين في الفاشر
طالب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر بتوفير ممر آمن للمدنيين المحاصرين في مدينة الفاشر بعد ساعات من إعلان قوات الدعم السريع، سيطرتها الكاملة على المدينة. وقال فليتشر في بيان: “مع تقدم المقاتلين داخل المدينة وقطع طرق الهروب، أصبح مئات الآلاف من المدنيين محاصرين ومرعوبين يتعرضون للقصف ويتضورون جوعًا، ولا يحصلون على الغذاء أو الرعاية الصحية أو الأمان”.
حرب السودان..أكبر أزمة إنسانية
ودعا مسؤولون أمميون ، إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين دون أي عوائق، محذرين من أن البلاد تواجه أسوأ أزمة إنسانية ونزوح في العالم.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، تسببت الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مقتل نحو 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 15 مليونًا بين نازح ولاجئ.
فيما أشارت دراسة أعدتها جامعات أمريكية إلى أن عدد القتلى قد يصل إلى نحو 130 ألف شخص، ما يجعل الصراع السوداني من أكثر النزاعات دموية في العالم حاليًا.
