في ظل تصاعد موجات الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط، ما تزال السواحل الليبية تشهد مآسي إنسانية متكررة يدفع ثمنها العشرات من المهاجرين الباحثين عن الأمان والفرص. ففي حادث مأساوي جديد، لقي عدد من الأشخاص مصرعهم قبالة سواحل مدينة صبراتة بعد غرق قارب خشبي انطلق من الزاوية، في وقت حذّرت فيه منظمة الهجرة الدولية (IOM) من استمرار المخاطر القاتلة على هذا المسار البحري.
حادث مأساوي
وأعربت المنظمة الدولية للهجرة عن عميق حزنها إزاء الحادث المأساوي الذي وقع، صباح الثلاثاء، قبالة سواحل مدينة صبراتة الليبية، بعد انقلاب قارب خشبي كان يقل عشرات المهاجرين غير النظاميين، انطلق من مدينة الزاوية قبل ساعات قليلة من غرقه بسبب ارتفاع الأمواج وسوء الأحوال الجوية.
وأفادت المنظمة بأنه تم إنقاذ 64 شخصًا ونقلهم بسلام إلى اليابسة، فيما فُقد 18 شخصا في هذه المأساة الجديدة التي تضاف إلى سلسلة من حوادث الغرق المميتة في وسط البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح بيان المنظمة أن من بين الناجين 29 رجلًا سودانيًا وامرأة وطفلًا سودانيين، و18 رجلًا بنغلاديشيًا، و12 رجلًا باكستانيًا، وثلاثة رجال صوماليين، بينما لا تزال معلومات جنسيات الضحايا المفقودين غير مؤكدة حتى الآن.
مخاطر
وأكدت منظمة الهجرة الدولية أن هذا الحادث يذكّر بالمخاطر الجسيمة التي يواجهها المهاجرون خلال محاولاتهم عبور البحر بحثًا عن الأمان أو الفرص، مشيرة إلى أن المسار الأوسط للبحر الأبيض المتوسط ما يزال الأخطر عالميًا، إذ سُجل منذ بداية عام 2025 أكثر من 1,046 وفاة أو حالة اختفاء، من بينها 527 حالة قبالة الساحل الليبي.
وأوضحت المنظمة أنها تعمل بالتنسيق مع شركائها المحليين لضمان حصول الناجين على الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي والخدمات الأساسية، مجددة دعوتها إلى تعزيز التعاون الإقليمي وتوسيع مسارات الهجرة الآمنة والمنظمة، إضافة إلى ضمان تنفيذ عمليات بحث وإنقاذ فعالة ومنسقة لإنقاذ الأرواح في البحر.
تراجع
وفي سياق متصل، أظهر تقرير أممي حديث حول الهجرة المختلطة من شمال إفريقيا إلى أوروبا خلال الربع الثالث من عام 2025، استمرار تدفق المهاجرين عبر البحر، مع تراجع نسبي في أعداد المنطلقين من ليبيا مقابل زيادة واضحة في المغادرات من تونس والجزائر.
ووفقًا للتقرير الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، فقد سجلت إيطاليا حتى 28 سبتمبر 2025 وصول 49,799 مهاجرًا، بزيادة 1% عن العام الماضي، فيما انخفضت المغادرات من ليبيا بنسبة 8% خلال الفترة ذاتها. كما غادر 544 شخصًا فقط من الجزائر، لكن بنسبة ارتفاع بلغت 98% عن الربع السابق، في مؤشر على تحول تدريجي في مسارات الهجرة بسبب القيود الأمنية المتزايدة في ليبيا وتونس.
وأشار التقرير إلى أن البنغلاديشيين تصدروا قائمة الجنسيات الوافدة إلى إيطاليا (31%)، تلاهم الإريتريون والمصريون والباكستانيون والسودانيون، لافتًا إلى أن حملات الترحيل والاحتجاز الواسعة في شرق ليبيا دفعت العديد من المهاجرين إلى المغادرة قبل توقيفهم.
وافدين
كما سجل التقرير زيادة بنسبة 318% في أعداد الوافدين من ليبيا إلى جزيرة كريت اليونانية، ما دفع أثينا إلى تعليق إجراءات اللجوء للوافدين من شمال إفريقيا وبدء التعاون مع خفر السواحل الليبي.
وفي تطور لافت، أصبحت الواجهة الغربية للمتوسط (من الجزائر والمغرب) المسار الرئيسي نحو إسبانيا لأول مرة منذ عام 2020، حيث تجاوز عدد الوافدين 14,648 شخصًا، مقابل 12,909 إلى جزر الكناري.
أعداد
كما أشار التقرير إلى تزايد عدد المهاجرين المقيمين في ليبيا، حيث بلغ عددهم 867,000 شخص حتى أبريل 2025، بزيادة 19% عن العام الماضي، بينما وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين إلى أكثر من 101,000 شخص، يشكل السودانيون 80% منهم.
وأكدت المنظمة أن تشديد الإجراءات الأمنية في شرق ليبيا وتونس، إضافة إلى الاتفاق الأمني الجديد بين إيطاليا وتركيا بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية من ليبيا، يعكس تحولًا في سياسات المنطقة تجاه إدارة الهجرة، وسط مخاوف حقوقية متزايدة من الترحيل القسري والانتهاكات ضد المهاجرين.
