الناير اليعقوبي
غياب الإرادة الدولية الجادة في حل أزمة ليبيا بات أمرًا يدركه كل لبيب، مما يستوجب حراكًا من القوى الوطنية بمختلف مشاربها لرفع أيدي الوصاية عن رقبة البلاد بشكل عاجل غير آجل.
الدواعي بين ظهر انينا تستدعي ذلك وعلى وجه السرعة: جمود سياسي وتآكل مؤسسي، يقابلهما تراخٍ وتخلي الأمم المتحدة عن دورها، وهي التي قيدت الدولة منذ فبراير 2011 تحت الفصل السابع من ميثاقها.
استخفافٌ واستهزاء أن يظل الفاعل الوطني على هامش الفعل، وأن يرهن مصير الليبيين بطاولة التفاوض الأجنبي، وأن يحبس القرار الوطني في دوائر التجاذب الإقليمي والدولي.
تجاذبات على مدى أربعة عشر عامًا لا يختلف ظاهرها عن باطنها، كلاهما يتوج نجاحه بتمديد واقع مرير في صورة مسار جديد لا يُقفل إلا بتدشين آخر أحكم قيدًا وأكثر تعقيدًا!!!
واقع الحال: مسارات مستوردة مسدودة، ولا حل ناجع ودائم إلا بحك جلد الوطن بأظافر أبنائه دون سواهم، عبر توافق وطني جامع لا مزايدة فيه ولا إقصاء يعكر صفاءه.
توافق وفق خارطة طريق سياسية وأمنية شاملة تراعي التوازن بين المصالحة والعدالة، والاستقرار والسيادة.
خارطة ترتكز على توحيد المؤسسات السيادية والعسكرية، وسلطة تنفيذية تشرف على انتخابات تشريعية ورئاسية.
حزمة واحدة يكمن صلاحها في مصالحة وطنية حقيقية تستند إلى جبر الضرر، وشراكة في التنمية تكسر شوكة المركزية المقيتة المتجذرة في صدر الوطن.
بخلاف هذا، استمرار الوضع القائم ينتج مزيدًا من الانسداد، والمواطن المطحون وحده يدفع ثمنه دون سادة المناصب الذين يتشبثون بكراسيهم ومكاسبهم بأربعة أطرافهم، وإن أظهروا غير ذلك.
وبعد… ليبيا لن تُمنح الحياة الحية ما بقيت رئة الخارج لا حياد عنها، وأهل الدار لن تسجل بصمتهم إلا بصحوة وطنية تماثل تلك التي فعلها الأجداد لتوحيد البلاد. يومها لم ينتظروا عسل الحنظل من سلالة إمبراطوريات ما وراء البحار.
