الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-12-05

1:14 مساءً

أهم اللأخبار

2025-12-05 1:14 مساءً

إطلاق الحوار المهيكل في ليبيا بين الترحيب والتحفظات: مسار جديد في خريطة الطريق الأممية يثير الجدل السياسي

إطلاق الحوار المهيكل في ليبيا بين الترحيب والتحفظات: مسار جديد في خريطة الطريق الأممية يثير الجدل السياسي

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن إطلاق مسار “الحوار المهيكل” وبدء تلقي الترشيحات لعضوية نحو 120 شخصية ليبية من مختلف الفئات الاجتماعية والمدنية، استعداداً لإطلاقه رسمياً خلال شهر نوفمبر الجاري، باعتباره أحد المكونات الأساسية في خريطة الطريق السياسية التي عرضتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن في 21 أكتوبر الماضي.

وأوضحت البعثة أن الحوار يهدف إلى تقديم توصيات وسياسات عملية تهيئ بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات وصياغة رؤية وطنية مشتركة، ومعالجة أسباب الصراع الممتدة منذ سنوات.

كما سيتناول الحوار القضايا العالقة من المسارات السياسية السابقة التي لم تُنفذ بعد، إلى جانب بحث آلية لتعزيز تنفيذ مخرجاته ورفع التوصيات السياسية إلى المؤسسات الحكومية ذات الصلة.

وبيّنت البعثة أن معايير الترشح تشمل امتلاك الخبرة أو التجربة العملية في واحد على الأقل من المجالات الأربعة: الحوكمة، الاقتصاد، الأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، وأن اختيار المشاركين سيتم بما يضمن تمثيلاً متنوعاً وشاملاً للمجتمع الليبي.

 ويعد الحوار أحد الأركان الثلاثة لخطة البعثة، إلى جانب وضع إطار انتخابي فني قابل للتطبيق سياسياً، وتوحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة جديدة موحدة.

ردود فعل حادة من الحكومة الليبية وانتقادات للبعثة

في أول رد رسمي، أصدرت الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن البعثة تجاوزت المرحلتين الأولى والثانية من خريطة الطريق، ودخلت مباشرة في المرحلة الثالثة المتعلقة بالحوار المهيكل، دون توضيح مصير الخطوات السابقة الخاصة بإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات ومعالجة الخلافات حول القوانين الانتخابية.

وقال حماد إن هذا التجاوز أدى إلى “ضياع التفاؤل بنجاح الخريطة ووأدها قبل أن تبدأ”، منتقداً مخاطبة البعثة للجامعات والبلديات مباشرة دون تنسيق مع وزارة الخارجية، واصفاً ذلك بأنه “تعدٍّ على السيادة الوطنية ومخالفة للاتفاقيات الدولية”.

وأضاف أن ملف المصالحة الوطنية شأن داخلي بحت لا يجوز إخضاعه لأي وصاية أو تدخل خارجي، مؤكداً أن ولاية البعثة محددة بقرارات مجلس الأمن ولا تتجاوز الدعم الفني والاستشاري.

تراهن أممي وتباين في المواقف الداخلية

تراهن البعثة على “الحوار المهيكل” كـ”نهج آخر”، وفق ما قالت تيتيه أمام مجلس الأمن، لإكساب العملية السياسية زخماً مجتمعياً يمكن أن يشكل ضغطاً على مجلسي النواب والدولة اللذين لم يحرزا تقدماً في المرحلة الأولى من الخطة والمتعلقة بإعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات وتعديل الإطار القانوني الانتخابي.

وكان المجلسان قد اتفقا في الرابع من أكتوبر على الشروع في تعيين شاغلي المناصب السيادية، ومن بينها مفوضية الانتخابات، في غضون عشرة أيام، إلا أنهما لم يحرزا تقدماً حتى الآن، وهو ما وصفته تيتيه بأنه يعكس نمطاً من التباطؤ السياسي المستمر في ليبيا.

وفي المقابل، دعا القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر الأسبوع الماضي خلال لقائه مع عدد من القبائل الليبية إلى صياغة “خريطة طريق ليبية خالصة ترتكز على الشرعية المحلية”، رافضاً ما وصفه بـ”الخريطة التي نُسجت خيوطها وراء الحدود”، في إشارة واضحة إلى خريطة الطريق الأممية.

بينما لم تصدر حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي في طرابلس أي موقف رسمي حتى الآن تجاه هذه التطورات، كما لم تعلن الأحزاب السياسية والهيئات المجتمعية مواقفها من إعلان البعثة فتح باب الترشح للحوار المهيكل.

آراء وتحليلات متباينة

من جانبه، رأى المحلل السياسي فرج فركاش أن الحوار المهيكل يمثل “فرصة نادرة وربما من أهم الفرص لإنهاء الانقسام السياسي”، شريطة ألا تُعاد أخطاء الماضي التي أجهضت محاولات التسوية السابقة.

وأوضح أن نجاح أي حوار سياسي مرتبط بمدى تجاوزه للأجسام السياسية الحالية مثل مجلسي النواب والدولة، اللذين تحولا إلى جزء من المشكلة أكثر من كونهما جزءاً من الحل، على حد تعبيره.

وأشار فركاش إلى أن الاعتماد على هذه الأجسام في قيادة الحوار أو المشاركة فيه بشكل مركزي يعكس مؤشرات فشل مبكر، مؤكداً أن التجارب السابقة أثبتت أن الحلول المبنية على توافقات النخب السياسية القائمة غالباً ما تكون مؤقتة ولا تعكس إرادة الشارع الليبي.

وانتقد فركاش أداء البعثة الأممية، معتبراً خطواتها “تتسم بالتخبط وتكرار نفس الأنماط من الحلول”، داعياً إلى التركيز على المسار الدستوري وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية والحكومتين في الشرق والغرب كأساس لأي تسوية سياسية جادة.

وفي الاتجاه نفسه، يرى الباحث في الشأن السياسي أبو بكر معيوش أن إطلاق “الحوار المهيكل” يمثل خطوة “جادة لإعادة بناء العملية السياسية على أسس أوسع من تجاذب الفرقاء”، مشيراً إلى أن “توسيع قاعدة المشاركة بإعادة الاعتبار للفئات المهمشة في صناعة القرار أمر إيجابي”.

وأوضح معيوش أن “جدية خطوة البعثة تتجلى في تحديد زمن للحوار يتراوح بين 4 إلى 6 أشهر كمسار موازٍ لإعادة تشكيل المفوضية وتعديل القوانين الانتخابية، تمهيداً لتشكيل حكومة موحدة جديدة”، معتبراً أن “الخطوة تُظهر استفادة البعثة من دروس الماضي، لا سيما من حوار الصخيرات والمنتدى السياسي”.

في المقابل، يرى الناشط الحزبي أرحومة الطبال أن الحوار المهيكل “لا يختلف جوهرياً عن سابقاته إلا في الاسم”، معتبراً أنه سيتحول إلى “جلسات تشاورية بلا قدرة على التنفيذ”، نظراً لتجاهله مراكز القوة الفعلية على الأرض.

وانتقد الطبال “ضبابية البعثة في إدارة العملية السياسية، وعدم توضيحها معايير اختيار المشاركين في الحوار أو آلية ترشيحهم”، معتبراً أن “النهج ذاته يتكرر كما حدث في ملتقى الحوار السياسي عام 2021”.

أما الكاتب الصحفي عبد الله الكبير، فأكد أن الحوار المهيكل “يهدف أساساً إلى الضغط على الجسمين الرئيسيين المكلفين بتنفيذ خريطة الطريق، أي مجلسي النواب والدولة”، مشيراً إلى أن “البعثة إذا قررت انتظار توافقهما على المقاعد الشاغرة في مفوضية الانتخابات والقوانين الانتخابية فستنتظر إلى الأبد”.

واعتبر الكبير أن “هذا الحوار قد يتطور من مجرد مسار لتقديم توصيات إلى منصة فعلية لصنع القرار، على غرار حوار جنيف الذي أدارته ستيفاني وليامز”، رغم تأكيد البعثة أنه لا يستهدف ذلك رسمياً.

تحذيرات من ضعف المعايير وتساؤلات حول التنفيذ

بدوره، أكد عضو مجلس الدولة الاستشاري علي السويح أن الحوار المهيكل يمكن أن يشكل مساراً جيداً نحو التوافق، شرط أن تُحسن البعثة اختيار الأعضاء المشاركين فيه وأن تتوفر إرادة حقيقية لتبني مخرجاته.

وحذر السويح من ضعف المعايير في اختيار الأعضاء، مؤكداً أن سوء الاختيار سيُنتج مخرجات ضعيفة أو غير قابلة للتطبيق، وقد يعمّق الأزمة بدل حلّها.

وتساءل السويح عن قدرة البعثة على تنفيذ مخرجات الحوار وفرضها على جميع الأطراف، مشدداً على أن نجاح أي مبادرة يعتمد على التنفيذ لا على صياغة التوصيات فقط.

تشكيك في جدوى المسار الأممي

من جهته، قال عضو مجلس النواب سعيد إمغيب إن تمديد عمل البعثة الأممية وإعادة هيكلتها “دليل على فشلها السابق واحتمال فشلها القادم”، مضيفاً أن ما يسمى بـ”الحوار المهيكل” لا يقدم حلولاً جديدة، بل يعيد تدوير الأزمة السياسية دون تحقيق نتائج ملموسة.

وأكد إمغيب أن المجتمع الدولي والبعثة يدوران في نفس الحلقة المفرغة دون طرح مقاربات واقعية يمكن أن تدفع نحو تسوية شاملة، مشيراً إلى أن الجمود السياسي ما زال العنوان الأبرز للمشهد الليبي في ظل غياب مؤشرات جدية على التقدم.

بين الطموح الأممي والتشكيك المحلي

وهكذا، تتقاطع المواقف بين مؤيد يرى في الحوار المهيكل بارقة أمل لإنهاء الأزمة، وآخر متحفظ يشكك في نوايا البعثة وجدوى تدخلها، وبينما تراهن الأمم المتحدة على هذا المسار لإحياء العملية السياسية، يبقى نجاحه مرهوناً بمدى استعداد الأطراف الليبية لتقديم تنازلات حقيقية، وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة، في وقت يترقب فيه الشارع الليبي خطوات ملموسة نحو إنهاء حالة الانقسام المزمنة.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications