منح الرئيس البلغاري رومين راديف، الجمعة، الميدالية الرئاسية الفخرية للسفير البريطاني السابق لدى ليبيا أنتوني لايدن، تقديرًا لدوره في الإفراج عن الممرضات البلغاريات المحتجزات في ليبيا.
وقال راديف إنّ “قصة إنقاذ الممرضات ستظل محفورة في ذاكرة بلغاريا”، مشيرا إلى أنّ جهود لايدن تجاوزت الواجب الدبلوماسي لتصبح “قضية إنسانية تعبّر عن قيم التضامن والرحمة”، مؤكدا أنّ “المساعدة في تلك اللحظة كانت شرفا وفرصة إنسانية لا تُنسى”.
وبدأت قضية أطفال الإيدز في ليبيا عام 1998 عندما تم توقيف 23 عاملاً طبيًا أجنبيًا ولبنياً على خلفية الاشتباه بتورطهم في حقن نحو 393 طفلاً بمادة ملوثة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) في مستشفى الفاتح للأطفال في بنغازي.
وخلال يناير وفبراير 1999، تم إعادة توقيف 5 ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني متدرب يدعى أشرف الحجوج.
في عام 2000، وُجّهت للمتهمين اتهامات بتعمد حقن الأطفال، وأصدر القضاء الليبي حكمًا بالإعدام عليهم في 2004، تم تأكيده مجددًا في 2006.
وأدت إجراءات التحقيق القضائية إلى تعرض الموقوفين للتعذيب، ما دفع المفوضية الأوروبية للتدخل، باعتبار الممرضات رعايا دولة مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي.
دخلت الوساطة الأوروبية مرحلة حاسمة في 2007 بعد انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسًا لفرنسا، حيث تولت بينيتا فيريرو فالدنر المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية وسيسيليا ساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي آنذاك المفاوضات مع السلطات الليبية.
وتضمنت المفاوضات إنشاء صندوق بنغازي لجبر الضرر للأطفال الضحايا بقيمة 600 مليون دولار، بمساهمة دول مثل بلغاريا والتشيك، لتقديم تعويض مالي قدره مليون دولار لكل ضحية، كما تعهدت فرنسا بتجهيز مستشفى بنغازي، وتدريب فريقه الطبي لمدة 5 أعوام، وتدريب 50 طبيبًا إضافيًا.
أسفرت المفاوضات عن إطلاق سراح الممرضات والطبيب الفلسطيني، بعد تعديل حكم الإعدام إلى السجن المؤبد، على أن يقضوا بقية العقوبة في بلغاريا، وذلك في 24 يونيو 2007، وفي اليوم ذاته وصلت الممرضات والطبيب إلى صوفيا بصحبة سيسيليا ساركوزي، حيث أصدر الرئيس البلغاري غيورغي بارفانوف مرسومًا بالعفو عنهم بعد قضاء 8 سنوات ونصف في السجون الليبية.
يشار إلى أن آخر أمين لمؤتمر الشعب العام محمد أبو القاسم الزوي، كشف أن الممرضات البلغاريات جندت الطبيب الفلسطيني لممارسة الحقن الملوث، مستغلات تهديدًا بنشر صور شخصية، وأن المادة الملوثة كانت مزودة من جهة خارجية .
قضية أطفال الإيدز في ليبيا تمثل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية والقانونية في تاريخ البلاد الحديث، تجمع بين انتهاكات حقوق الإنسان، الأخطاء الطبية، والدبلوماسية الدولية المعقدة.
ورغم مرور أكثر من عقدين على الأحداث، تظل آثارها الإنسانية والقانونية محل متابعة مستمرة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الضحايا وتعويضهم وتطوير البنية الصحية في ليبيا.
