السفير السابق محمد خليفة العكروت
صباحيات
أنا لست من محبي الصخب والتجمعات الضخمة، لذلك لا أذكر أنني حضرت مباراة كرة قدم إلا مرة واحدة في سبها سنة 1971، حيث كان فريق الاتحاد سوكنة أحد طرفي المباراة. وأذكر أنني لم أكمل المباراة وغادرتها بين الشوطين، وكان حضوري لها خوفًا من لوم وعتاب زملائي في القسم الداخلي الذي كان قريبًا من ملعب سبها.
لذلك، لا أملك ذلك الشعور العارم والاندفاع الطاغي الذي يجعلني أحزم حقيبتي وأغيّر زيت سيارتي لأذهب لحضور الرالي، رغم أنه في منطقتي وبين أهلي.
لكن ذلك لم يمنعني من متابعته عن بعد، وقد بهرني هذا المنظر البديع: منظر تجمّع آلاف من أبناء الوطن في حفلة وعرس ومهرجان وطني بامتياز، جمع جميع أطياف الوطن وجعلهم يشعرون بقيمة الوطن.
أكيد ستكون هناك بعض الهفوات والثغرات، فالمناسبة ضخمة وكبيرة، والجهود ذاتية وبسيطة، فلا يجب أن نضخّم الهفوات والعثرات. يكفي أن تكون مرتفعًا لترى هذا المنظر البديع الذي لا تراه في أي بقعة من بقاع الوطن.
تحية لأهلي في الجفرة، وأجمل التحايا والتهاني لمدينة ودان التي نجحت بامتياز في جمع الوطن لثلاثة أيام كاملة.
ليليات
…وهرع المرجفون يلقون سهام الحقد.
لم يفطن المرجفون لأي إيجابية في رالي ودان، لكنهم فطنوا وتلقّطوا أي زلة ولو كانت، بقايا الفضلات والقمامة!
بقايا الفضلات والقمامة ليست غريبة في تجمع بشري لمدة محدودة لا تتجاوز ثلاثة أيام، تجمع بشري في صحراء مفتوحة لا مبنى فيها ولا معلم سوى الرمال والجبال والهواء.
هذا طبيعي عند من عنده نظر وبصيرة وعقل وبديهي: في حفلة شعبية مفتوحة، يكون ذلك نقيصة وعيبًا حينما ترون القمامة وشكاير التشبس وقشور السامنسا وشيش الماء الفارغة وأكياس قرشين وهي تتطاير في المدينة الرياضية المحجورة، وحينما ترون ذلك في زناقيكم وشوارعكم وحدائقكم وشواطئكم، هنا النقيصة والعيبة والحشمة.
أما في صحراء مفتوحة، فما لم يجمعه أولادنا، ستذروه الرياح، وتجدون المكان العام المقبل أنظف وأطهر.
