بقلم / حسين المسلاتي
إن أطلاق القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر دعوته لأهالي مدينة الزاوية، مشايخها وأعيانها وحكمائها، إلى أن يكون لهم دور فاعل في توعية الناس بخطورة المرحلة ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، يمثل توجيه لبوصلة الوعي الوطني نحو واحدة من المدن ذات الثقل السياسي والاجتماعي في غرب البلاد، التي لطالما شكلت حجر الزاوية في أي حراك وطني أو سياسي.
هذه الدعوة لم تكن مجرد خطاب عابر، بل رسالة استراتيجية تعكس إدراك القيادة العامة لحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد، وضرورة أن يكون لكل مدينة دور في إعادة تشكيل المشهد الليبي على أسس وطنية خالصة.
المشير حفتر، كما عهده الليبيون، لا يخاطب العواطف بل العقول، ولا يستند إلى الشعارات، بل إلى مشروع وطني واضح الملامح أساسه تلاحم الليبيين ووحدتهم باعتبارهما الضمان الوحيد لعبور الأزمة الراهنة.
لقد وضع القائد العام النقاط على الحروف حين قال إن الأزمة السياسية التي عجزت المسارات المحلية والدولية عن حلها لن تجد طريقها إلى الانفراج إلا عبر مسار وطني يقرره الشعب بنفسه دون وصاية أو تدخلات خارجية، وهي الحقيقة التي تجاهلتها كل المبادرات السابقة، فالمشير يعيد اليوم تذكير الليبيين بها ليكونوا شركاء في صناعة مصيرهم لا متفرجين عليه.
إن ما تشهده ليبيا من تصدع في مؤسساتها العليا وضعف في أدائها ليس سوى نتيجة مباشرة لحالة الانقسام السياسي والارتهان للمسارات المفروضة من الخارج، بينما يقدم المشير حفتر رؤية بديلة تعيد القرار إلى أصحابه الحقيقيين وهو الشعب الليبي.
ودعوة المشير حفتر إلى حراك سلمي شعبي لتقرير خارطة طريق وطنية تمثل “السلطة الشعبية العليا” على جميع الأجسام الحالية – سواء كانت تشريعية أو تنفيذية – هي خطوة تصحيحية تستعيد الإرادة الوطنية المسلوبة، وتعيد رسم معادلة الشرعية على أساس وطني صرف.
القيادة العامة للقوات المسلحة، ومن خلفها الآلاف من الضباط والجنود الذين حملوا على عاتقهم حماية الوطن من الإرهاب والفوضى، أثبتت مجدداً أنها الضامن الحقيقي لوحدة ليبيا وأمنها، وأنها ستبقى في صف الشعب، حامية لإرادته، ومواجهة لكل من يحاول إجهاضها أو الالتفاف عليها.
إن دعوة المشير حفتر من الزاوية ليست سوى بداية مرحلة جديدة من الوعي الوطني، مرحلة يدرك فيها الليبيون أن مستقبلهم لا يصنع في العواصم الأجنبية ولا على موائد المساومات السياسية، بل بأيديهم، وتحت راية وطنهم، وبحماية مؤسسة عسكرية وطنية أثبتت صدقها وثباتها في أحلك الظروف.
