في أحد أزقة منطقة رأس التوتة بمدينة مصراتة، يقف “الفيتوري الطويل” خلف دكانه الصغير الذي يحمل اسمًا ودفئًا يعرفه الجميع: “شاهي عمي الفيتوري”. هناك لا يُباع الشاي فحسب، بل تُقدَّم دروس في الصبر والكفاح، إذ تحوّل هذا المحل المتواضع إلى نقطة التقاء لأهالي الحي ومتنفس للمتعبين من ضغوط الحياة، فيما يخوض صاحبه معركته الخاصة ضد الديون وضيق الحال.
ورغم أن الدين المتراكم عليه، والذي يبلغ نحو اثني عشر ألف دينار ليبي، يُثقل كاهله، فإن “عم الفيتوري” لا يزال يواجه الأيام بعزيمة لا تلين، يسانده ابنه الوحيد محمد ذو السنوات الأربع عشرة، في معركة الشرف والرزق الحلال. قصة هذا الرجل تتجاوز حدود متجر شاي بسيط، لتكشف عن معاناة شريحة واسعة من أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يقاومون بشرف ظروف الاقتصاد الصعبة في ليبيا، مؤمنين بأن الكرامة لا تُشترى، بل تُصنع بعرق الجبين.
