أثارت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال جدلًا واسعًا وانتقادات حادة في الأوساط الحقوقية، بعدما سخرت من روايات المحامين بشأن دخول عدد من المعتقلين السياسيين في إضراب مفتوح عن الطعام، وذلك خلال جلسة برلمانية خُصصت لمناقشة ميزانية وزارتها لسنة 2026.
وقالت جفال، في مداخلة أثارت غضب المنظمات الحقوقية، إن السجناء الذين يُقال إنهم مضربون عن الطعام “يأكلون ويشربون في الخفاء”، مضيفة بضحكة ساخرة: “من لا يأكل كثيرًا، يأكل قليلًا”، قبل أن تلمّح إلى تناول بعضهم الطعام في مرافق “لا يجب الأكل فيها”، في إشارة إلى دورات المياه داخل السجن.
الوزيرة نفت بشكل قاطع وجود أي إضرابات، واتهمت المعتقلين برفض الفحوصات الطبية “حتى لا تنكشف مؤشراتهم الصحية”، معتبرة أن الحديث عن تدهور أوضاعهم الصحية “أخبار زائفة تروّجها مواقع التواصل الاجتماعي”. كما أنكرت وجود اعتداءات داخل السجون، في ردّ على شهادات محامين ومنظمات حقوقية تؤكد تعرض السجين السياسي جوهر بن مبارك لاعتداء جسدي خطير بسجن بلي بمحافظة نابل.
وفي ما يتعلق بالمحاكمات عن بعد، دافعت جفال بشدة عن هذه المنظومة، ووصفتها بـ“التجربة الناجحة” التي خضع لها نحو 25 ألف سجين هذا العام. واعتبرت أن حضور المتهم عبر الشاشة لا يؤثر في “وجدان القاضي”، وأن الانتقادات الموجهة للنظام القضائي هدفها “التشويه والتشويش”.
وتصاعدت موجة الانتقادات بعد إعلان الوزيرة عن خطط لبناء سجون جديدة، معتبرين ذلك مواصلة لسياسة “التوسّع العقابي” بدل معالجة جذور الأزمة السياسية والاجتماعية في البلاد.
وتأتي هذه التصريحات قبل يوم واحد من الجلسة الاستئنافية الثانية في قضية “التآمر على أمن الدولة 1”، المقرر عقدها عن بعد يوم الاثنين 17 نوفمبر، وسط مناخ سياسي محتقن وإضرابات عن الطعام يخوضها عدد من المعتقلين السياسيين.
هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية ردّت ببيان شديد اللهجة، اتهمت فيه الوزيرة بـ“التشهير والتلذذ بمعاناة السجناء”، معتبرة تصريحاتها تحريضًا ضد المعتقلين وضد المحامين. وقال عضو الهيئة المحامي سمير ديلو في تصريح صحفي إن تصريحات جفال تمثل “استهزاءً بمعاناة مناضلين سُلبت حريتهم بمحاكمات صورية”، مجددًا رفضه للمحاكمات عن بعد التي وصفها بأنها “فاقدة لمقومات العدالة”.
كما حذّر ديلو من خطورة رفض الوزيرة تركيز المجلس الأعلى للقضاء، معتبرًا أن ذلك يفتح الباب أمام تدخل السلطة التنفيذية في نقل القضاة وتعيينهم ومحاسبتهم، بما يقوّض استقلال القضاء في تونس.
