أصدرت الحكومة الليبية قرارًا بإنشاء جهاز حماية الطفل والمرأة، ليكون الجهة الوطنية المختصة بالتصدي لجميع أشكال العنف والاستغلال والتهديد التي تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
ويأتي هذا القرار في ظل حاجة ملحة لإطار موحد يضمن التدخل الفوري ويعزز حقوق المرأة والطفل في ليبيا.
مهام الجهاز وصلاحياته
ينتمي جهاز حماية الطفل والمرأة إلى مجلس الوزراء مباشرة، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، ويتولى مهام الحماية القانونية والأمنية، الحماية الاجتماعية والصحية، إضافة إلى الاختصاصات التنظيمية والتشريعية.
ويمنح الجهاز صفة أجهزة ضبط قضائي للعاملين به، ويخولهم القيام بإجراءات الاستدلال، والضبط، والتحفظ على الأدلة، ودخول الأماكن ذات الخطر الفوري، وتنفيذ أوامر الحماية والأوامر القضائية، وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية.
وتستمر صلاحيات أوامر الحماية لمدة 7 أيام قابلة للتمديد أو الاعتماد من قبل النيابة العامة خلال 24 ساعة.
كما يُلزم القرار جميع الجهات المختصة، بما فيها الصحية والتعليمية والشرطية، بتقديم الحماية والدعم اللازم للضحايا، وضمان تنفيذ أوامر الحماية على الفور.
عبود تؤكد قيمة القرار والطرمال تبحث عن آلية للحماية
من جانبها أكدت وزيرة الدولة لشؤون المرأة بالحكومة الليبية انتصار عبود، أن جهود الوزارة منذ توليها مسؤوليتها ركّزت على تحقيق خطوة عملية تُحدث فرقًا حقيقيًا في حماية المرأة والطفل، وقالت: “منذ اليوم الأول وأنا أبحث عن خطوة تكون فعلاً وليس شعارًا… خطوة تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة النساء والأطفال، وتمكّن الدولة من مواجهة التحديات الواقعية التي يواجهونها”.
وأضافت عبود أن فكرة إنشاء جهاز حماية المرأة والطفل جاءت من منطلق إدراك الحاجة الوطنية الماسة لحماية الفئات الأكثر عرضة للعنف والاستغلال، وأنها تابعت تنفيذ هذه الفكرة بكل تفاصيلها، وقدمتها رسمياً إلى رئيس مجلس الوزراء.
وأشارت إلى أن الدعم الكامل من رئيس الحكومة كان عنصرًا محوريًا لإنجاح هذه المبادرة، مشددة على أن هذا الجهاز سيشكل كيانًا مستقلًا بميزانية منفصلة وصلاحيات واضحة تمكنه من حماية المرأة والطفل بشكل فعلي ومستدام، وليس مجرد رمز أو شعار.
وعبرت الوزيرة عن إدراكها أن الواقع الليبي يفرض مواجهة حالات مؤلمة بحق الأطفال والنساء، مؤكدة أن هذه الخطوة ليست خيارًا، بل واجب وطني ضروري للحفاظ على كرامة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.
وقالت عبود: “هذه الخطوة تمثل بصمة تستمر، وعملاً يُقاس أثره على حياة الناس لا على المنشورات أو الشعارات”.
وفي المقابل لازالت حكومة الوحدة الوطنية تنادي بإيجاد آلية لضمان حقوق الطفل، حيث شددت وزيرة الدولة لشؤون المرأة حورية الطرمال على الدور الأساسي للمؤسسات التعليمية والصحية في حماية الأطفال وضمان حقوقهم النفسية والاجتماعية والتعليمية.
وأوضحت الطرمال أن جميع الإدارات والمؤسسات المختصة ملزمة بتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي لمتابعة وضع الأطفال بشكل مستمر، والتأكد من سلامتهم النفسية والاجتماعية والدراسية، والتدخل الفوري في حال وجود أي تهديد أو عنف.
وأضافت أن الأطفال لهم حق قانوني في التواصل مع والديهم أثناء النزاعات الأسرية، وأن أي محاولة لمنعهم من مقابلة أو التواصل مع والديهم يجب أن تُواجه بتدخل مباشر من المؤسسات المختصة لضمان حماية الطفل، مع تسجيل الحالات رسميًا وإحالتها للجهات القضائية أو الأمنية، لضمان حقوق الطفل ومنع أي تأثير سلبي عليه.
كما أكدت الطرمال على أهمية التوعية بأدوار الوالدين والمؤسسات في حماية الأطفال، وتوفير بيئة صحية وداعمة لهم رغم أي خلافات أسرية، وفقاً للقانون الليبي.
الموقف المدني والحقوقي من القرار
من جهته، رحب منبر المرأة الليبية من أجل السلام بجهود الحكومة الليبية في تعزيز الحماية الوطنية للمرأة والطفل، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعكس إدراكًا متزايدًا بخطورة تفاقم الانتهاكات اليومية وبالحاجة إلى جهة مختصة تمتلك صلاحيات التدخل الفوري.
وأوضح المنبر أن حماية المرأة والطفل لن تكون مكتملة دون وجود إطار تشريعي شامل يجرم العنف بجميع أشكاله، ويوفر منظومة حماية واضحة ومتكاملة، مطالبًا الجهات التشريعية بالتحرك العاجل لتطبيق هذا الإطار بشكل فعّال، بما يضمن المساءلة ويحول دون الإفلات من العقاب.
وفي سياق متصل، عبر الناشط الحقوقي يوسف محمد هدية الشريف عن ارتياحه العميق لهذه الخطوة، معتبرًا إياها انتصارًا للعدالة والأمل وإرادة التغيير، وقال: “هذا القرار يعيد ترتيب الأولويات ويضع حماية الإنسان في صدارة الاهتمام الوطني، ويؤكد أن حماية الفئات الأكثر هشاشة ليست خيارًا، بل واجبًا أخلاقيًا ووطنيًا”.
وشدد يوسف على أن اللحظة التاريخية هذه تمثل بداية لمسار جديد من الإصلاح والتمكين، وأن العمل لا يقتصر على القرارات الرسمية فقط، بل يشمل الاستمرار في المتابعة والتطبيق لضمان مجتمع أكثر عدالة ورحمة واحترامًا للكرامة الإنسانية، مع الحفاظ على صوت كل من ينادي بالحماية والإنصاف.
جميع الأطراف أكدت أن حماية المرأة والطفل تعد خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه، وأن تعزيز حقوق الفئات الأكثر ضعفًا يجب أن يظل أولوية وطنية تتجاوز أي اعتبارات سياسية أو اجتماعية، مع التركيز على التنفيذ الفعلي للخطط والبرامج والجهود الرامية للحفاظ على أمنهم واستقرار حياتهم.




