شاعر وشوشته فراشة وقاص احتفظ بحشرجة حزن خمسين عاما

فتح الله مجدوب الحاسي

” مقتطع من قصة فنار 1970 ” _ فتاة صغيرة جميلة جدا لكن ملابسها رثة وشعرها الاشقر الاشعث مهمل بشكل جميل .. صرنا اصدقاء واحببتها بشكل غريب  .. كلما اشتقت لأمي أو أختي أو أحد أفراد عائلتي ذهبت إليها .. نلعب ونتحدث .. لقد صارت ونيسي في غربتي .. وملاذي في وحدتي ، كانت الفتاة مصابة بالربو في بعض الليالي تخنقها هذه الرزية حتى تشرف على الموت ، كنت أراها وهي تتألم وتتنفس بجهد وصعوبة .. لقد كنت أبكي عليها وعندما تتنفس في الصباح تبتسم لي ونبدأ من جديد ………………………ونحن في الطائرة وضع أبي يده على كتفي. ثم هزني وقال : صاحبتك عزيزة ماتت .. لم أبكي لكني أحتفظ بحشرجة في صدري منذ خمسين عاما .

صاحب هذه القصة والسيرة في آن ابن البيضاء الشاعر مرهف الحس عاشق البحر وإطلالته الخلابة في مدينته شحات لاكتسائها بياض الثلج دائما في فصل الشتاء تظل باردة لكن مبدعيها كلماتهم تتسم بالدفيء كماه فتح الله المجدوب الحاسي المولود فيها في الستينات 1/1/ 1961 أي قبل العام 1970 بأعوام حيث استطاع تخزين جزء من ذكريات حياته الحقيقية أي سيرته في تلك القصة حين كتب المنار .. فحدد أن أحداثها في العام 1970 وكان فيها الحاسي المجذوب كما اشتهر بهذا الاسم في منطقته ومدينته وبين الرفاق من الأدباء .. كان طفلا يستطيع التمييز والتقاط الرؤى ونقش الذكريات حتى أنه يتذكر في خمسينياته العمرية حين كتب فنار أن إجهاشة حزنه على عزيزة الطفلة التي ماتت في أبي سته مشفى الصدريه المشهور بمدينة طرابلس حيث كان يتعالج من الربو أنه اختنق بدمعه في الطائرة حين علم برحيلها وهو في رحلة العودة من طرابلس للبيضاء . 

تحصل الحاسي على دبلوم متوسط صنايع من مدينته وأخذته الكتابة الصحفية والأدبية والفن المسرحي والإخراج .. وللاستزادة تحصل على دورتين في الإخراج المسرحي بالقاهرة بجزئيها الأول والثاني .. حيث مجال أحبه وانتشرت أعماله القصصية والشعرية والمسرحيات كما المقالية في مجلات وصحف ورقية وإلكترونية كالعرب اللندنية.. الوطن الليبية .. ولا نستثني المواقع الإلكترونية فزين نتاجه مواقع ” الاجدابي .. السلفيوم ..  والمستقبل ” .

عن ديوانه بوح المرافئ .. هذا البوح

القصائد التي

كنتُ أضعها خِلسة

عند عتبة قلبكِ

صارت حدائق

….

فتح الله المجدوب الحاسي مبدع متنوع فهو ليس الشاعر والقاص فقط بل أيضا الكاتب المستهام بالمسرح فلم يكتب أعمالا مسرحية بل وكان مخرجا لروائع مسرحية مشهود له فيها داخل وخارج الوطن .. ومن أعماله المسرحية

المهمة ذكر لنا :

_  مسرحية شيزوفرنيا / شاركت في مهرجان القاهرة التجريبي .

_ مسرحية / برانويا / شاركت في مهرجان القاهرة التجريبي .

وكتب عدة مسرحيات ( الحذاء الناعم / التراكم / تشكيل )

أنتخب مقتطعا من قصة قصيرة للأديب الحاسي بعنوان ”  رافع القزون ” //

يتسرب شعاع الشمس من بين طيات الليل المعتم ،يشع الأفق البعيد يرفع الضوء احجبة السماء ينتشر النور رويدا رويدا ، ترتفع حرارة الأرض فاتتنفس ضبابا كثيفا يحجب الرؤية ويصيب النظر بالغبش فيصعب معه تحديد حجم الأشياء ومسافتها، كلما إرتفعت الشمس تحرك الضباب زاحفا نحو الهضبة المقابلة لطرف المدينة .. يتسلقها ببطء ثم يتلاشىء في الأعلى أو كأنه يتحول إلى سحاب … تصيح الديوك بنغمات مختلفة تتبادل الصياح مع بعضها. تنبئ الغافين بدخول صبح جديد … تدب الحياة في الحي الصغير وهو عبارة عن اكواخ من الصفيح (حلاليق) رفض  أهلها الانتقال إلى قلب المدينة بحجج كثيرة اهمها عدم قدرتهم على ترك حيواناتهم وخاصة الماعز أو اكتساب ابقار وغيرها  أو أنهم لم يستسيغو اسلوب العيش في المدينة وتعقيداتها وكأن لسان حالهم يقول أننا قريبون جداً من وسط المدينة أولادنا يرتادون مدارسها ولا غنى لنا عن أسواقها فنحن في كل الأحوال في حيز المدينة ، لذلك فضلوا البقاء في حيهم الصغير المطل على الهضبة القريبة الغنية باشجار البلوط والمراعي الوعرة .. من ضمن سكان هذا الحي فتئ يتيم اسمه رافع القزون يقيم مع أخته الارملة في (الحلاق ) المجاور( لحلاق )الحاج طاهر او (طوير الجبنة ) كما تلقبه نساء الحي. فهو رجل طويل جدا ونحيف وجهه مشدود   وتحت أرنبة أنفه شارب صغير كلما تحدث اوابتسم يختفي شاربه وتبرز اسنان فضية بينها فراغات واضحة في مقدمة فمه فتتهدم الابتسامة ويبدو كأنه يتجهز للعض… وهو أشد سكان الحي كرها لرافع القزون والسبب أن وشاية مجهولة المصدر تقول بأن رافع القزون على علاقة بأبنته حليمة ودليل على ذلك .. مرور  رافع من امام (حلاقه )) بشياهه القليلة كل صباح متجنبا الطريق الاقصر والأسهل إلى هضبة البلوط ..

_ الحاسي المجذوب أو فتح الله المجدوب الحاسي في المجال الفني الإخراجي لم يتقيد بالإخراج المسرحي بل أخرج أيضا عدة أفلام وثائقية _ وعن فيلمه ( من أعماق هوا حجري ) تحصل على عديد الجوائز .

_ ونال جائزة .. أفضل تعليق عن مهرجان صنع في ليبيا .

_ وترشح لجائزة أفضل إخراج .

مبدعنا جال المدن الليبية بأعماله الناجحة كشاعر قدم الأماسي والأصابيح التي دعي إليها عبر معارض الكتاب في دوراتها المختلفة والمهرجانات المسرحية المختلفة داخل وخارج الوطن … حتى رشحت اعماله المسرحية في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي فكانت (( مسرحية  شيزوفرنيا…. داخل التقييم // مسرحية برانويا… داخل التقييم // مسرحية تشكيل شاركت بالمهرجان الوطني العاشر بنغازي

_ شارك بعمل مسرحي في دورات المسرح التجريبي البيضاء

ويعد الحاسي أحد مؤسسي .. اماسي البيضاء وعبرها قدم مع الأدباء عدة أمسيات رمضانية .

_شارك في أصبوحة شعرية ضمن فاعليات معرض الكتاب الدولي . بنغازي .

صدر له عن دار جين للطباعة والنشر للعام 2024 م ديوانه الأول ” بوح المرافيء ” _ وله عديد المخطوطات الأدبية :

_ ديوان شعري ( شفاه ترتعش )

_ مجموعة قصصية تحت الطبع ( الفنار )

_  رواية ( نساء القبلي ) تحت الطبع

في غفلة مني

كتبَ أحدهم على

جدار قلبي

لا تنتظرني

ورحل

علق أسمه على مشجب فمي

حبس الصوت في حنجرتي

قضم قلبي

قرصني في شراييني

وتركني عند مشارف الخيبة

أعدُ حصى الطريق

وخُطى الغائبين

اعترض النسائم المستعجلة

والظلال العابرة

افتّش في مرمى البصر

عن رسالة سقطت منه

سهوًا

عن كلمة قالها لريح

عن وعدٍ مهرباً

عن ذكرى مغلفة

كأمنية طفلٍ

كحلمٍ معلقاً

بين الغفوة واليقظة

في غفلة مني

ترك اكذوبته

عند عتبة انتظاري

وأنا اللهث بين الغياب والغياب

تلسعني الدقائق الشامتة

تحرق

ما تبقى مني

في غفلة مني رحل

وقد نسي صوته عند نافذتي

وترك فتات عهودنا

للعصافير الواشية

في غفلة مني…

سرق ضحكتي

وفرحتي

وقصائدي

ورحل