بقلم القانوني: عبد الله الديباني
منذ سنوات، دأبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على طرح برامج تحمل عناوين عامة من قبيل “تعزيز الحوار” و*“المشاركة المدنية”*، دون أن تقدّم توضيحات كافية حول آليات تنفيذها، أو معايير اختيار الأطراف المشاركة فيها. ويتجلى ذلك بوضوح في ملف المرشحين لما يُسمّى “المسار المهيكل”، الذي قفز فيه عدد المتقدمين إلى نحو 8000 شخصية، بينما تشير البعثة إلى حاجتها لاختيار 120 فقط، في عملية لا تزال تفتقر إلى الشفافية والمعايير المعلنة.
وفي هذا السياق، جاء توقيع البعثة الأممية على اتفاقية تمويل مع الحكومة القطرية في توقيت سياسي شديد الحساسية، الأمر الذي يعكس—بحسب كثير من المراقبين—اختلالًا واضحًا في بوصلتها السياسية. فبدلاً من تعزيز الثقة في العملية السياسية، عمّقت هذه الخطوة الشكوك حول استقلالية قرار البعثة وتوازن علاقاتها الخارجية.
كما أنّ حديث البعثة عن “تهيئة بيئة مواتية لتحقيق تقدم” يبدو منفصلاً تمامًا عن واقع الانقسام الحاد الذي يعيشه الليبيون. بل يظهر ذلك الخطاب أقرب إلى التفاؤل الإنشائي الذي اعتادت البعثة تقديمه للمجتمع الدولي والأطراف المحلية، دون أن يستند إلى مؤشرات واقعية تعكس تقدّمًا فعليًا على الأرض.
باختصار، إذا كانت الأمم المتحدة ترغب فعلاً في الإسهام في بناء مسار سياسي مستدام في ليبيا، فعليها أن تبدأ باستعادة ثقة الليبيين. ولن يتحقق ذلك عبر اتفاقيات تمويل خارجية، بل عبر الالتزام الصارم بالحياد والشفافية، والإنصات إلى إرادة الليبيين أنفسهم قبل أي طرف آخر.
