تحاول حكومة الوحدة الوطنية احتواء موجة غضب عقب الجريمة المروعة التي قُتلت فيها المدوِّنة خنساء مجاهد، زوجة معاذ المنفوخ، العضو السابق في ملتقى الحوار السياسي، بعدما تعرّضت لإطلاق نار مباشر في منطقة السراج غرب طرابلس مساء الجمعة.
وأصدر وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، قراراً عاجلاً بتشكيل فريق تحقيق مشترك عالي المستوى يلزمه برفع تقارير يومية، مع رفع درجة الاستعداد الأمني وتعزيز الدوريات والحواجز في العاصمة ومحيطها.
مشايخ وأعيان قبيلة القمامدة في الزاوية أيضاً حمّلوا في بيان لهم النائب العام ووزارة الداخلية مسؤولية التحقيق العاجل، مؤكدين أن دم خنساء لن يضيع، وأن أي تباطؤ يفتح الباب أمام سلسلة اغتيالات تهدد السلم الأهلي، ووصفوا الجريمة بأنها مؤشر على “انهيار خطير في منظومة الردع والعدالة”.
مواقف رسمية وإدانات واسعة
من جهته أدان مجلس الدولة الاستشاري اغتيال خنساء، واعتبر الجريمة اعتداءً خطيراً على الحق في الحياة وتهديداً مباشراً لأمن المجتمع، مطالباً بتحرك عاجل، وكشف الجناة فوراً، وفرض سلطة الدولة ومواجهة انتشار السلاح خارج القانون.
كما شدد على ضرورة وضع سياسات وطنية لحماية المرأة ومكافحة العنف ضدها.
بدورها، نعت وزارة الدولة لشؤون المرأة الضحية، ووصفت الجريمة بأنها تهز ضمير الوطن، داعية إلى تحقيق عاجل وشفاف ومحاسبة الضالعين، وضمان حماية النساء في ليبيا.
فيما أدانت بعثة الأمم المتحدة الحادث، وقدّمت تعازيها، معتبرةً أن الجريمة تكشف الحاجة الملحّة لوضع حد لجرائم القتل والعنف ضد النساء، وطالبت بتحقيق سريع وشفاف ومحاسبة الجناة بلا تأخير.
من جهتها، اعتبرت المؤسسة الليبية الوطنية لحقوق الإنسان أن الاغتيال تم عمداً وبسبق الإصرار، واتهمت عناصر تابعة لجهاز الأمن العام بالتورط، محمّلة حكومة الدبيبة المسؤولية القانونية، ومحذّرةً من سياسة اغتيالات سياسية لن تسقط بالتقادم.
فيما أبرز بيان منبر المرأة الليبية من أجل السلام عمق الأزمة التي تواجهها النساء في البلاد، إذ يربط بين جريمة قتل خنساء مجاهد وتراكم سنوات من الانتهاكات والإفلات من العقاب، مؤكداً أن استمرار غياب منظومة الحماية والتشريعات الرادعة يجعل النساء الهدف الأسهل للعنف في ظل تدهور الأمن وتنامي نفوذ المجموعات المسلحة.
الضحية… صانعة محتوى مؤثرة تركت رضيعة خلفها
خنساء البالغة 30 عاماً، أم لطفلة عمرها بضعة أشهر، كانت معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا، ولديها ما يفوق 600 ألف متابع في مجال التجميل والأزياء، وقد حاولت الهروب لحظة الهجوم، لكن المهاجمين طاردوها وأطلقوا عليها عشرات الرصاصات أصابت رأسها وصدرها وأردتها قتيلة في الحال.
وفيما تواصل الأجهزة الأمنية عمليات التمشيط وتعقّب الجناة، يبقى القلق من انعدام الأمن وغياب العدالة أمرًا يحتاج لوقفة جادة لإنهاء الأزمة من جذورها.
