دفعت أزمة السيولة المتفاقمة في ليبيا قطاع النفط إلى تبنّي آلية مالية جديدة وخطيرة تتمثّل في “الدفع بالإنابة”، وفق ما نقلته وكالة نوفا الإيطالية، ما يفتح الباب أمام مدفوعات تتم خارج الإطار المالي الرسمي للدولة.
وتستخدم عدة شركات تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط هذه الآلية خلال الأشهر الخمسة الماضية بقيمة تقدَّر بحوالي 200 مليون دولار، فيما تُعد شركة الخليج العربي للنفط “أجوكو” في برقة الأكثر تورطًا في هذه الممارسات.
وتعتمد هذه الآلية على أن يقدّم شريك تجاري سيولة فورية للشركة النفطية، ويتم السداد ليس عبر التحويلات المصرفية، بل من خلال شحنات من النفط الخام.
وتُشبه هذه الخطوة بشكلها العام عمليات مقايضة الوقود بالائتمان التجاري التي ألغاها النائب العام هذا العام لافتقارها للشفافية، إلا أن التطور الحالي يمثّل انتقالًا أخطر، إذ يتحول التعويض من شراء الوقود إلى سداد مباشر بالنفط الخام، ما يضع قطاعًا إستراتيجيًا في قلب مخاطر مالية وقانونية جديدة.
ويأتي انتشار هذا الأسلوب في ظل ضغوط شديدة على المالية العامة، حيث قدّر محافظ المصرف المركزي حاجة ليبيا إلى 3 مليارات دولار لتغطية الالتزامات، بينما لا تتجاوز الإيرادات في أفضل الأحوال 1.5 مليار دولار.
وتوقعت الوكالة أيضًا احتمال هبوط أسعار النفط إلى 52–55 دولارًا للبرميل، ما قد يؤدي إلى عجز الحكومة عن دفع الرواتب.
وتلقت “أجوكو” بالفعل سلفًا بالعملة الأجنبية من شركات دولية مثل OMV وريبسول، ما وفر لها سيولة لتغطية تكاليف التشغيل، لكنه في الوقت نفسه عمّق اعتماد القطاع على ترتيبات مالية خارج الرقابة الحكومية.
