امجاور اغريبل
لقد كانت الطبيعة قاسية هذا العام؛ فقد اختفى الشتاء وتمدد الصيف والخريف ليزحفا على باقي فصول السنة. لا غيوم ولا رياح باردة تُشتم منها رائحة المطر. يكاد يكون بصوت واحد، خاطب أهل القرية شيخهم وإمام مسجدهم: لقد تأخر المطر كثيرًا هذا العام، وأنت تعلم يا مولانا أننا نعيش على الزراعة وتربية المواشي، وبدون الماء يموت الزرع ويجف الضرع.
لقد كثر الفساد وأكل الربا، فكيف نريد من السماء أن ترحمنا؟ قال أحد المصلين، وهو يمسح بيده على لحيته الكثيفة. لكن المطر ينهمر بغزارة في القرية المجاورة لنا، رغم ارتكابهم لكل المعاصي. رد عليه أحد الشباب المترددين على الجامع حديثًا.
إنها جنتهم، يا أخي، ونحن لنا النعيم الدائم في الآخرة. أجابه الملتحي، وهو يرسم ابتسامة خفيفة على شفتيه، علامة على تمكنه من الفوز وإقامة الحجة على الشاب قليل الخبرة والإيمان.
لماذا لا نصلي صلاة الاستسقاء اقتداءً بسنة الرسول، لعل الله ينزل علينا رحمته ؟ قال المصلون للإمام.
موعدنا في الغد في الساحة المقابلة للمسجد، قال الإمام في إستجابة منه للجموع التي جاءت إليه تشكو تأخر المطر، ولا تنسوا أن الله لا يقبل صلاة متكبر أو مغرور أو عاق لوالديه أو ظالم.
اقترب الشاب حديث العهد بالتردد على الجامع من الإمام وهمس في أذنه: يا مولاي، النشرة الجوية ذكرت أنه لا مطر هذا الأسبوع ولا الذي بعده، وأقترح أن نؤجل موعد الصلاة إلى موعد تحدده النشرة الجوية.
نظر الإمام نظرة كادت أن تقتلع الشاب من الأرض، ولولا مراعاة الإمام لحرمة الجامع لسفك دمه، فالكلام الذي قاله لا يقوله إلا كافرٌ ناكرٌ لقدرة الله على فعل أي شيء.
وفي اليوم المحدد، امتلأت الساحة بالناس، لكن المطر نزل في القرية المجاورة، فقد غاب أهل القرية لانشغالهم بالوقوف في طوابير امام المصارف ومحطات الوقود. بينما حضر الصلاة الوافدون من القرية المجاورة، حيث هطل المطر.
