في قلب غابات الأمازون، نشأ أنطونيو فالنسيا بين الفقر والتحديات اليومية. وُلد عام 1985 في مدينة لاغو أغريو، حيث كان الأطفال يساعدون عائلاتهم في كسب لقمة العيش، وشارك فالنسيا صغيرًا في بيع العصائر وجمع الزجاج الفارغ مقابل بضع سنتات. لكن الكرة كانت عالمه الحقيقي، وملعبه الترابي مصدر أحلامه بالانطلاق بعيدًا عن ضيق الحياة.
في سن السادسة عشرة، خاض فالنسيا تجربة غيّرت مساره: سافر سرًا إلى العاصمة كيتو لخوض اختبارات نادي إل ناسيونال، مستعينًا بدعم والدته وشقيقه لتأمين ثمن الحافلة. ورغم الصعوبات، نجح في اجتياز الاختبارات، وبدأ حياة مليئة بالانضباط والتدريب المكثف أشبه بالجيش، ما صنع شخصيته القوية وانضباطه الذهني النادر.
بعد عامين فقط، أصبح فالنسيا لاعبًا أساسيًا في إل ناسيونال، ولاحظته الأندية الأوروبية، فكانت محطته الأولى في فياريال الإسباني، ثم ريكرياتيفو، قبل أن تلفت سرعته وقوته البدنية الأنظار في كأس العالم 2006. بعدها استدعاه ويغان أثليتيك، ليبدأ اسمه يلمع على الساحة الأوروبية.
وفي 2009، ارتدى قميص مانشستر يونايتد؛ ليصبح أول لاعب إكوادوري يتوج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، ويصبح أحد أهم لاعبي السير أليكس فيرغسون. رغم الإصابات الخطيرة، بما فيها كسر مضاعف في الساق عام 2010، عاد فالنسيا أقوى، وحوّل نفسه من جناح هجومي إلى ظهير أيمن متميز، حتى وصفه جوزيه مورينيو بأنه “أفضل ظهير أيمن في كرة القدم”.
خارج الملعب، حافظ فالنسيا على تواضعه، ملتزمًا بعائلته، وشارك في مبادرات خيرية لصالح الأطفال في بلدته، مؤسسًا مؤسسة لمساعدة من يعيشون نفس ظروفه السابقة. على الصعيد الدولي، خاض 99 مباراة مع الإكوادور، وشارك في بطولات كأس العالم 2006 و2014، وأربع نسخ من كوبا أميركا.
رحلة أنطونيو فالنسيا، من طفل فقير في الأمازون إلى نجم عالمي و”أفضل ظهير أيمن” حسب مورينيو، تبقى مثالًا حيًا على التصميم والإصرار، وقصة ملهمة لكل من يحلم بكسر قيود الصعاب والوصول إلى القمة.
