أصدرت دار الفرجاني أحدث منشوراتها تحت عنوان “نساء في سجون القذافي – سيرة سجينة ليبية” للكاتبة منى الجرنازي، أول سجينة رأي في ليبيا، التي تسرد في كتابها تجربة اعتقال عايشت خلالها أقسى ظروف السجن وأساليبه.
الجرنازي توثق في مذكّراتها تفاصيل دقيقة من أيام اعتقالها، بدءًا من لحظة القبض عليها رفقة والدتها في ساعات الفجر الأولى، مرورًا بالتحقيقات المتواصلة التي خضعت لها على مدى ستة أيام تحت إشراف عميد الأمن الراحل خيري خالد، وصولًا إلى لحظات الإرهاق النفسي والجسدي التي عاشتها داخل الزنازين.
وتستعيد الكاتبة مشاهد التحقيق الأولى داخل غرفة واسعة محاطة بالمحققين، وتصف حضور خيري خالد وأسئلته المتكررة، كما تتوقف عند وعده لها بزيارة أطفالها، وهي الزيارة التي تقول إنها زادتها ألمًا بدل أن تُخفّف عنه.
ويمتد السرد ليشمل محطات أخرى من رحلتها، حيث تروي كيف عاد خيري خالد بعد عام ليباشر جولة جديدة من التحقيق، قبل أن يأتي شهر مارس 1988 حاملاً قرار الإفراج عنها، والذي أبلغه لها بنفسه قائلًا: “العقيد قلبه طيب وما يرضاش يخليكم في السجن.”
وتؤكد الجرنازي في كتابها أن الماضي لا يُنسى، وأن بعض الوجوه تبقى محفورة في الذاكرة، سواء بحضورها القاسي أو بتناقضاتها، مشيرة إلى أن خيري خالد كان أحد أبرز تلك الوجوه في تجربتها المريرة.
الكتاب يأتي كوثيقة إنسانية وسياسية مهمة، تكشف جانبًا من معاناة السجينات الليبيات خلال حقبة القذافي، ويُوثّق شهادات حيّة نادرة عن سنوات من الألم والمقاومة.

