التقطت محطة الفضاء الدولية صورًا جديدة ومذهلة تُظهر تفاصيل دقيقة لهياكل جبلية حلقية نادرة في قلب الصحراء الكبرى جنوب شرق ليبيا، وذلك ضمن مشروع علمي مشترك بين منشأة مراقبة الأرض التابعة لطاقم المحطة ووحدة علوم الأرض والاستشعار عن بُعد التابعة لوكالة ناسا في مركز جونسون للفضاء.
وتكشف الصور، التي التقطها أحد أعضاء البعثة رقم 73 باستخدام كاميرا Nikon Z9 وعدسة 800 ملم يوم 13 سبتمبر 2025، التكوينات المدهشة لجبل أركانو (أو أركينو)، وهو واحد من أكثر المعالم الجيولوجية ندرة وإثارة في المنطقة.
ويقع الجبل قرب الحدود الليبية – المصرية، على بعد نحو 20 كيلو مترًا فقط من جبل العوينات، وحوالي 90 كيلو مترًا شرق تكوينات أركينو.
لطالما اعتقد الباحثون أن الهياكل الحلقية في جبل أركانو نتجت عن اصطدام نيزكي هائل، غير أن الدراسات الجيولوجية الميدانية كشفت لاحقًا أنها تكوينات طبيعية بالكامل نشأت نتيجة تسلل الصهارة من باطن الأرض إلى الصخور المحيطة، في سلسلة عمليات متكررة أدت إلى تشكّل حلقات متداخلة تبدو مائلة نحو الجنوب الغربي.
ويُظهر التحليل أن هذا المركّب الحلقي يتكون في الأساس من صخور نارية مثل البازلت والجرانيت، في حين يجاوره من الشمال هيكل طبقي يتكون من الحجر الرملي والحجر الجيري والكوارتز، ما يعكس تنوّعًا جيولوجيًا بالغ الثراء.
تُبرز الصورة الفضائية ظلالًا ممتدة فوق رمال الصحراء، مع منحدرات صخرية صلبة ترتفع إلى نحو 1400 متر فوق سطح البحر، أي بما يقارب 800 متر فوق السهول الرملية المحيطة. كما تُظهر الأودية الداخلية، وتدفقات الحصى والصخور، ومساحات واسعة من الكثبان الرملية ذات الأشكال المروحية التي تتشكل عند سفوح الجبل.
وبحسب قياسات بعثة هطول الأمطار الاستوائية المشتركة بين “ناسا” و”جاكسا”، تُعد هذه المنطقة من أشد مناطق العالم جفافًا، إذ لا تتجاوز معدلات الأمطار السنوية 1–5 ملليمترات فقط، وترتفع قليلًا إلى 5–10 ملليمترات قرب جبل أركانو نتيجة تأثير التضاريس.
تمت معالجة الصورة بقصّها وتحسين التباين لزيادة وضوح التفاصيل الجيولوجية، وهي الآن متاحة للجمهور ضمن برنامج يتيح صورًا عالية الجودة لكوكب الأرض تُلتقط من محطة الفضاء الدولية.
ويُعزى التقرير العلمي المصاحب لهذه الصور إلى الباحثة كاثرين هانسون، التي أكدت أن الهدف من المشروع هو تمكين رواد الفضاء من توثيق معالم الأرض النادرة من منظور لا يمكن الحصول عليه من أي مكان آخر.
