في تصعيد جديد.. أغلق مرضى ضمور العضلات، مساء أمس، طريق السكة أمام مقر حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، احتجاجًا على ما وصفوه بتجاهل الحكومة لمعاناتهم وتباطؤها في توفير العلاج والمستحقات المالية.
وجاءت الخطوة عقب خروج رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من البوابة الجانبية لمقر حكومته في موكب فخم دون الالتفات للمرضى الجالسين على كراسيهم المتحركة، بحسب رابطة مرضى ضمور العضلات التي أعربت عن استنكارها لما حدث، مؤكدة أن “خيبة أمل كبيرة ارتسمت على وجوه المرضى وكأن وجعهم لا يعنيه”.
كان المشهد الأكثر تأثيرًا ما حدث مع الطفل سند الذي حاول مقاومة دموعه دون جدوى، إذ كان ينتظر مجرد إشارة “تقول إن حياته لها قيمة”، لكن الموكب مرّ، ومرّت معه، كما يقول ذوو المرضى “آخر ذرة أمل كان يحملها”.
وقال رئيس رابطة مرضى ضمور العضلات محمد بوغميقة، إن حكومة الوحدة “تجاهلت مطالبنا بالكامل”، رغم أن عدد المرضى في ليبيا يبلغ 932 مريضًا.
وأضاف أن المرضى نظموا 21 وقفة احتجاجية منذ صيف 2021 أمام رئاسة الوزراء ووزارة الصحة دون أي نتيجة، مشيرًا إلى أن جهاز الخدمات العلاجية برئاسة أحمد مليطان هو المسؤول الأول عن تسوية الملف لكنه “يتذرع دائمًا بعدم توفر الميزانية”.
وتشمل مطالب المرضى توفير الحقن الجينية للأطفال، والتحاليل الجينية، والأدوية الناقصة منذ أشهر، إضافة إلى تنفيذ وعود العلاج بالخارج للحالات الحرجة.
وأكدت الرابطة أن الدبيبة “يرفض مقابلتهم” ويتجنب لقائهم منذ عامين، رغم انتظار المرضى لساعات أمام بوابة رئاسة الوزراء.
وتزامن التصعيد الجديد مع دعوات لتنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء المقبل أمام ديوان رئاسة الوزراء، للمطالبة بتوفير العلاج والمعدات التعويضية وصرف المستحقات المتوقفة منذ سنوات.
وأوضحت منظمة مرضى ضمور العضلات التوعوية أن “حقوق المرضى أصبحت مسألة عاجلة لا تحتمل التأجيل”.
وفي بيان آخر، تساءل المنظمون عن مصير مليارات الدنانير المكدّسة في حسابات الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي، في حين لم يُصرف سوى تسعة أشهر فقط من مستحقات عام 2025 للمستفيدين من الإعانة المنزلية، رغم توقفها لثماني سنوات، كما لم يُصرف المعاش الأساسي لشهر أكتوبر الذي تبلغ قيمته 650 دينارًا فقط، رغم دخول نوفمبر.
وخلال السنوات الخمس الماضية، نظمت المنظمة 19 وقفة احتجاجية دون تحقيق أي تقدّم، في وقت توفي فيه 160 مريضًا بسبب غياب العلاج والاستجابة الحكومية.
ويواجه مرضى ضمور العضلات في ليبيا نقصًا حادًا في الأدوية والمعدات التعويضية، بينما لم تُنفذ الحكومة وعودها بتوطين الفحوصات الجينية أو تسهيل سفر الأطفال لتلقي العلاج. وبحسب تقديرات الرابطة، يتراوح عدد المرضى بين 739 و900 حالة، فيما تُعد أنواع دوشن والضمور الشوكي والضمور الحزامي الأكثر انتشارًا في البلاد.
وحذر المرضى وذووهم من خطوات تصعيدية سلمية ما لم تُنفذ الحكومة التزاماتها القانونية والإنسانية.
وتأتي هذه الأزمة في ظل تدهور قطاع الصحة في ليبيا نتيجة تفشي الفساد، إذ سجّلت تحقيقات قضائية اختلاسات وتلاعبًا بمخصصات الأدوية تجاوزت 1.5 مليار دينار، إلى جانب توريد أدوية السرطان بعقود مزورة.
ووفق مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، جاءت ليبيا ضمن أسوأ عشر دول في العالم بعد حصولها على 13 نقطة فقط، ما يعكس حجم التدهور الإداري والمالي الذي يضاعف معاناة المرضى.
