أبرزت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن أنظمة الأغذية الزراعية، على الرغم من امتصاصها ربع الخسائر المناخية العالمية وقدرتها على خفض ثلث الانبعاثات، تتلقى أقل من 8% من تمويل المناخ، ما يهدد جهود مواجهة التحديات المناخية على مستوى العالم. وأكدت الفاو أن الاستثمار في الزراعة يمثل أكثر المجالات قدرة على تحقيق مكاسب مزدوجة بين التخفيف من تغير المناخ وزيادة الإنتاجية والأمن الغذائي.
وأشار التقرير إلى أن صغار المنتجين الزراعيين، الذين يزرعون ثلث غذاء العالم، لم يحصلوا سوى على أقل من 1% من تمويل المناخ خلال العامين الماضيين، بينما حصلت أنظمة الثروة الحيوانية، المساهم الرئيسي في انبعاثات غاز الميثان، على 2% فقط من التمويل في 2023. وأوضحت الفاو أن هذا الخلل يمثل فرصة ضائعة لتسريع التقدم في المناخ والأمن الغذائي وسبل العيش، خاصة في المناطق المعرضة للخطر.
كما أبرزت المنظمة أن الاستثمارات الاستراتيجية في الزراعة يمكن أن تعزز القدرة الوطنية على الصمود أمام التغير المناخي، وتحقق تخفيفًا ملموسًا لآثاره، وتقلل من عدم المساواة، وتوسع الفرص الاقتصادية، مؤكدًة على أهمية دمج التمويل العام والخاص والمحلي لتحقيق أهداف تمويل المناخ البالغة 1.3 تريليون دولار بحلول 2030.
وأوضح التقرير أن القطاع الخاص بدأ بالاستجابة، حيث ارتفعت نسبة معاملات التمويل المختلط الموجهة لصغار المزارعين من 26% إلى 36% بين 2016 و2021، مع تحقيق 60% منها فوائد في التكيف والتخفيف المناخي، لكن لا يزال هناك عوائق تتعلق بمحدودية البيانات ونقص المشاريع الجاهزة للاستثمار.
وأشارت الفاو إلى أن أسواق الكربون الطوعية لم تشكل سوى 1% من مشاريع الأغذية الزراعية عالميًا حتى عام 2023، مع تركيز ثلاثة أرباع هذه المشاريع في خمسة بلدان فقط، مستبعدة صغار المزارعين والاقتصادات منخفضة الدخل، داعية إلى استغلال الآليات الجديدة بموجب المادة السادسة من اتفاقية باريس للمناخ لإعادة ضبط النظام وتحقيق استفادة أوسع.
كما أكدت المنظمة أن الاستثمار في الزراعة لا يقتصر على خفض الانبعاثات، بل يسهم أيضًا في توسيع الوصول إلى الغذاء المغذي، وخلق فرص عمل في المجتمعات الريفية، وزيادة الإنتاجية، واستعادة النظم البيئية، موضحة أن منتدى روما القادم يمثل فرصة حاسمة لمواءمة تمويل المناخ مع الفرص الزراعية من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص.
وقالت الفاو إن المزارعين هم بالفعل رواد التحول المناخي، ومع الدعم المناسب يمكنهم تحقيق المزيد، داعية المجتمع الدولي إلى الاستثمار في الزراعة بالحجم والسرعة اللازمين لمواجهة التحديات المناخية العالمية.
