أعربت الجمعية القضائية الليبية عن قلقها الشديد إزاء استمرار أزمة نقص السيولة في المصارف التجارية، رغم انتظام تصدير النفط وتدفّق الإيرادات العامة، مشيرة إلى أن القانون رقم (1) لسنة 2005 بشأن المصارف وتعديلاته يحمّل مصرف ليبيا المركزي مسؤوليات مباشرة وصريحة لضمان الاستقرار النقدي وتوفير السيولة وتنفيذ السياسات النقدية.
وأكدت الجمعية أن حجم الضرر الواقع على المواطنين والاقتصاد يثير شبهات جنائية تتطلب فتح تحقيق عاجل من مكتب النائب العام، معتبرة أن استمرار الأزمة يعكس إخفاقًا خطيرًا في مهام المصرف المركزي، خلافًا لما نص عليه القانون.
وأوضحت أن المادة 23 من قانون المصارف تُلزم المصرف باتخاذ ما يلزم لضمان سيولة المصارف، بينما نصت المادة 5 على مسؤولية المصرف المركزي في رسم وتنفيذ السياسة النقدية والمصرفية والمحافظة على استقرار النظام المصرفي، في حين أكدت المادة 4 أن الهدف الرئيس للمصرف هو تحقيق الاستقرار في مستوى الأسعار والنظام النقدي.
وأشارت الجمعية إلى أن عدم توحيد سعر الصرف رغم امتلاك المصرف للسلطة القانونية يعد إخفاقًا جسيمًا يمس الاستقرار المالي ويؤثر مباشرة على معيشة المواطنين، خاصة مع استمرار تعدد الأسعار وتذبذبها الحاد.
كما انتقدت الجمعية قيام المصرف المركزي بسحب الفئات النقدية (50 و20 دينارًا) بحجة مكافحة التضخم، رغم أن الأسعار واصلت الارتفاع بعد السحب، مما يؤكد – وفق وصفها – “عدم صحة هذا التبرير”.
وأكدت الجمعية أن بعض الأفعال أو الامتناعات التي يتورط فيها المسؤولون قد تمس المال العام، مستندة إلى المادة 45 التي تُحمّل المسؤولين بالمصرف مسؤولية الإهمال أو الامتناع عن أداء الواجبات.
وطالبت الجمعية القضائية مكتب النائب العام بفتح تحقيق جنائي شامل في أسباب عدم توفر السيولة رغم الإيرادات النفطية، التحقيق مع مسؤولي مصرف ليبيا المركزي حول الإخفاق في السياسات النقدية والإدارية خلال السنوات الماضية، تحديد الأشخاص أو الجهات التي عطّلت أو قيّدت تدفّق العملة المحلية والأجنبية داخل المصارف، مراجعة إجراءات سعر الصرف ومدى توافقها مع الالتزامات القانونية للمصرف، اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تورطه أو تقصيره، حماية للمال العام وحقوق المواطنين، بما في ذلك أصحاب محلات الصرافة الذين يمارسون الربا.
وأكدت الجمعية أن استمرار الأزمة لم يعد مقبولًا، وأن المساءلة القانونية ضرورة لحماية الاقتصاد الليبي وإعادة الثقة في النظام المصرفي.
