يشهد السودان تصعيداً عسكرياً خطيراً في إقليم كردفان، الذي تحوّل خلال الأسابيع الماضية إلى مركز ثقل رئيسي في الحرب الممتدة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط توسع في رقعة العمليات وارتفاع كبير في عدد الضحايا والنازحين.
اشتباكات متصاعدة
شهدت مناطق واسعة من جنوب وغرب كردفان سلسلة هجمات متبادلة بين الجيش والدعم السريع، وللمرة الأولى منذ سنوات، شنّ الجيش السوداني هجوماً واسعاً على معاقل الحركة الشعبية-شمال في محيط كاودا، في محاولة لكسر الطوق المفروض على الدلنج وكادقلي.
وبحسب المعطيات الميدانية، سيطر الجيش على منطقة مبسوطة وحقق تقدماً داخل مناطق نفوذ الحركة، بعد صدّ هجمات متتالية شنّتها قوات الحلو على منطقة كارتالا.
في المقابل،أسفر هجوم نفَّذته، قوات الدعم السريع، بمسيّرة على بلدة كلوقي في ولاية جنوب كردفان في السودان عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم أطفال، بحسب ما أفاد مسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد.
وقال عصام الدين السيد، الرئيس التنفيذي لوحدة كلوقي الإدارية، للوكالة الفرنسية في اتصال عبر «ستارلينك» إن المسيّرة قصفت 3 مرات، الخميس، الأولى في روضة الأطفال، ثم المستشفى، وعادت للمرة الثالثة لتقصف والناس يحاولون إنقاذ الأطفال.
من جانبه قال والي جنوب كردفان محمد إبراهيم عبد الكريم في بيان ، إن عدد ضحايا الهجوم بلغ أكثر من 114 قتيلا و71 جريحا، ومن بين القتلى 63 طفلا”.
الأهمية الاستراتيجية لإقليم كردفان
يعتبر الإقليم أحد أهم مفاصل الصراع، نظراً إلى غناه بالموارد الطبيعية القادرة على تمويل العمليات العسكرية، وموقعه الجغرافي الحساس الذي يجعله خط دفاع رئيسي للأطراف المتحاربة، وطبوغرافيته المفتوحة التي تجعل الحرب فيه أقرب إلى معارك الاستنزاف.
ويرى مراقبون أن السيطرة على كردفان قد تعيد رسم مستقبل الحرب في السودان، ما يفسّر اتساع المعارك داخل الإقليم.
إدانة أممية واسعة
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “صدمته العميقة” من التقارير التي تحدثت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم أطفال، جراء غارات جوية استهدفت روضة أطفال ومستشفى في بلدة كالوقي بجنوب كردفان .
غوتيريش أدان الهجمات على المدنيين والبنية التحتية، معتبراً أن بعضها قد يشكل “انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني”.
كما دعا المجتمع الدولي إلى وقف تدفق الأسلحة والضغط على الأطراف لوقف القتال فوراً.
كارثة إنسانية ونزوح متسارع
وفق منظمة الهجرة الدولية، نزح ما بين 350 و450 شخصاً في يوم واحد فقط (5 ديسمبر) من مدينة كادقلي بسبب تصاعد انعدام الأمن.
وذكرت المنظمة أن الوضع “متوتر ومتقلب للغاية”، مع حصار تفرضه قوات الدعم السريع والحركة الشعبية–الحلو على المدينة منذ الشهور الأولى للحرب.
التقديرات الأممية تشير إلى:
- 41 ألف نازح خلال الشهر الأخير من ولايتي شمال وجنوب كردفان.
- تأكيد وقوع مجاعة في مدينة كادقلي، بحسب ممثل اليونيسيف.
ويأتي ذلك ضمن أزمة إنسانية هي الأسوأ في تاريخ السودان الحديث، مع نزوح نحو 13 مليون شخص ومقتل عشرات الآلاف منذ عام 2023.
وتُظهر التطورات الأخيرة أن إقليم كردفان بات ساحة مركزية للصراع، يجري فيها تغيير خرائط نفوذ، واشتباكات متعددة الأطراف، وتدهور إنساني غير مسبوق.
ومع انعدام أي مؤشرات لتهدئة قريبة، تحذر الأمم المتحدة من أن استمرار القتال يهدد بامتداد المجاعة وارتفاع أعداد الضحايا والنازحين، ما قد يقود البلاد إلى مرحلة أكثر خطورة من الانهيار الأمني والإنساني.
