أنور الطرابلسي
من درنة جمال الطبيعة والثقافة والتحضر إلى بيروت الفن والأناقة ثم العودة لسمقط الرأس هذا اختصار لرحلته التي لاقى في تفاصيلها الكثير مما يجب أن يذكر كعبرة لكل فنان يعتقد أنه سيكون إذا فتحت الدنيا بورديتها ذراعيها له .. إنما جبل الإبداع من عمق المعاناة وهذا ديدنه من تحمله استمر فكان ومن أرهق من بداية المشوار سيتساقط في طريق الصعود .. فناننا المسرحي الكبير كان بالفعل حائكا هذه مهنته أو لنقل حرفته التي يرتزق منها ليعيش حياة كريمة ولد أنور عبدالوهاب الطرابلسي في درنة عام 1911 م كان والده مقاتلا مع شيخ الشهداء عمر المختار .. وفي فترة دخول إيطاليا البلاد ضيقت كثيرا على أهلها قتلت الكثير من الشيوخ والنساء والأطفال تارة إعدامات جماعية وأخرى بالتجويع داخل المعتقلات .. ومن استطاع من الأهالي الهرب هاجر الكثيرون ناح الشرق منهم من مكث في مصر ومنهم من استمر مهاجرا حتى استقر به المقام في سوريا ولبنان والجزائر ناجين بأسرهم وأنفسهم من هول المستدمر ومافعله تنكيلا وتشريدا لليبيين .. وكان أن استقر مقام عائلة عبدالوهاب الطرابلسي ومعهم ابنهم أنور في لبنان ” بيروت “.

لكنه لم يقطع صلته ببلاده إذ اشتد عوده وكبر وفي العام 1926 م وأثناء تواجد العائلة في بيروت كان كثير التردد على مكتبة تحوي الكثير من المؤلفات في فن المسرح من دراسات ومسرحيات وكذا كتبا شعرية تتصادف أن هذه المكتبة في منطقته ” الرملة البيضاء ” وبتكرار زيارته مع والدته لهذه المكتبة والتي بدورها اشترت له مجموعة من الكتب التي تستهويه في الفن المسرحي حيث التمست موهبته وهوايته فلم تعقه عن التعرف عليها عن قرب وبالتثقيف الذاتي أصبح أستاذا في موهبته الإبداعية .. عادت العائلة لمسقط الرأس درنة مع بداية الثلاثينيات وقد أصبح أنور الطرابلسي شابا يافعا دارسا للمسرح شغوفا به راغبا ولوج المجال بأي دور يضعه على الركح .. وشاءت الأقدار أن يصادف الفنان مؤسس المسرح في طبرق ( محمد عبدالهادي ) وبين يديه نص مسرحي عنوانه (( خليفة الصياد )) لم تكن النساء وقتها قد ولجن عالم الفن بأنواعه فمابالكم بالمسرحي .. وفي المسرحية دور نسائي رئيسي لامرأة تسمى (( قوت القلوب )) لم يجد عبدالهادي من يجسد هذا الدور فعرضه على (( أنور )) الذي قبل دون تردد .. مع عودة أنور لدرنة مع أسرته لم يكن المسرح في درنة قد تأسس بعد فاعتبر هو من أسسه تزامنا مع تأسيس محمد عبدالهادي للمسرح في طبرق .. وانطلق الاثنان بمسرحية ( خليفة الصياد )… قوبل باستهجان المجتمع وتعدى كثير المواقف الصعبة وتجاوزها حبا في المسرح ورغم ماواجهه أتقن دوره الأول على الركح وتشاء الأقدار أن يعتقل معظم المشاركين في العرض المسرحي . ولخطورة ما واجه المسرحيون وبينهم أنور عبدالوهاب صدر كتاب من الحاكم العسكري موجها لغرسيانى تقول فحواه بعد اعتقالهم :” إننا سوف نربى أفعى تلدغنا يوماً ما “

جسد أنور عبدالوهاب الطرابلسي عديد الأدوار في مسرحيات مهمة في زمنه وتشاركا هو ومحمد عبدالهادي متاعب الرحلات من طبرق إلى درنة ثم إلى بنغازي حتى وصلت عروضهما ومشاركاتهما إلى طرابلس والزاوية ..
من مسرحياته التي شارك فيها كممثل وعرضت في كل تلك المدن الليبية بكفاح كبير من جميع أعضاء الفرقة المسرحية حيث كان شظف العيش وصعوبة التنقل لأيام من مدينة لأخرى فعرضوا :
_ مسرحية خليفة الصياد
_ مسرحية العباسة أخت الرشيد
_ مسرحية لا أتزوج ولو شنقونى
_ آه لو كنت ملكاً
وكمخرج تألق الطرابلسي بمسرحيات عديده لكنه بدأها بإعادة إخراجه لمسرحية خليفة الصياد ثم :
_ أخرج (سهاد) لمحمود تيمور..
_ أخرج وشارك بتمثيل مسرحيات:
- أميرة الأندلس .
- تاجر بغداد .
- الجيل الجديد.
حياة كل مبدع مسرحي ممن سمعت عنهم أو عرفتهم عن قرب من جيلي أو من قبله .. فيها شخصية جسدها تأثر بها حد أنها التصقت باسمه وظلت في وجدانه تهجسه دائما .. وعودا على بدء أروي لكم قصة غريبة حدثت مع الفنان أنور عبدالوهاب الطرابلسي أو (( هارون الرشيد )) :
بدأت الحكاية بعد اعتقال الحاكم العسكري للمسرحيين وإبلاغ غرسياني عبر كتاب بما يزمع فعله مع الليبيين وخاصة من يقاومون شعرا وفنا مسرحيا والمفاجأة أن طلب غرسياني بعد عام كامل من هذه الحادثة أي في عام 1934 م ترجمة هذه المسرحية وبعد أن قرأها طلب إعادة عرضها ماكان من أنور الطرابلسي إلا أن جهزها كمخرج ثم تقمص فيها دورين دوره الأول النسوي (( قوت القلوب )) ولم يجد من يأخذ دور هارون الرشيد فجسده هو .. مثل معه في المسرحية الشاعر إبراهيم الأسطى عمر متقمصا دور ” إسحاق النديم ” .. فناننا المبدع عاش دور هارون الرشيد هذه المرة لأنه جسده وحفظه عن ظهر قلب طبعا بطريقة أعجب بها كل من شاهدها وظل حافظا لدوره كمادة كلامية ويردد المشاهد على الأصحاب في جلساتهم حتى آخر لحظات حياته العامرة بالعطاء الفني .
هذه الحكاية لم تذهب هكذا حتى غدت قصة تروى بين الناس الذي تأثروا بالمسرحية وبدور أنور فيها كهارون الرشيد بعد أن صدموا في العرض الأول معارضين دوره النسائي كقوت القلوب .. وظل لصالح الطرابلسي وفيها مافيها من روح الفكاهة والدعابة الجميلة .. إذ يحكى أن أستاذا سأل الطالب (( من هو هارون الرشيد .. فإذا بالطالب يجيب أنور الطرابلسي يا أستاذ )) .
في العام 2008 م أسلم الروح شيخ الفنانين أنور عبدالوهاب الطرابلسي ابن درنة والمتتلمذ في لبنان دراسة ومسرحا حتى عاد لموطنه من المهجر تاركا إرثا فنيا وصيتا رفيع المستوى وأصحاب آمنوا بموهبته منهم الشاعر والمسرحي الكبير الأستاذ عبدالحميد بطاو ..
كتب بطاو لقاء متخيلا بعد وفاته ساردا من خلاله سيرة إبداع ومعاناة وحكمة الركح في مسيرة صاحبه الطرابلسي ولأنه عرفه وهم شبابا مناضلين مكافحين فقد قال إن اللقاء المتخيل هذا وكأنني أجريته مع رفيقي أنور وهو شاب شغوف في عز شبابه أتركه للقارئ العزيز ليتعرف أكثر على المبدعين بطاو والطرابلسي في روح ومعنى السؤال والجواب ومعنى الصداقة المتينة :
” لقاء متخيل المستضيف الشاعر الفنان والكاتب المسرحي عبدالحميد بطاو _ الضيف الحائك الفنان والمخرج المسرحي أنور الطرابلسي ” :
_ إســمك…؟
أنــور عبدالوهـاب
_ أول عمـل لك …؟
أُتـقن تفصيل الأثواب وزخـرفـة الأكـمام
_ وصفـك …؟
طـفل يحتضن الدنيا وتـداعبه الأحـــلام
_ فنـّـانٌ أنـت …؟
نعم فضـّلت المسرح وعشقت التمثيل .. وهـاقد أصبح فـوق دروب العشق زحام .
_ وبمـاذا تحـلم …؟
أن يحـياهذا العالم في حـب وســلام .
(وبعد ستين عامًا وقد تجاوزالثمانين من عمره كان لقائى هذا به (وهوواقع) في دكانه المعتم بسوق الظلام قبل وفاتة ببضعة شهورتحدثنا يومها عن كل تفاصيل حياته)
_ إسـمك …؟
أنـورعبدالوهـاب
_ آخــرعمـل لك…؟
حائك ترتعش يداه فلا يتقن رف الأثـواب
_ وصـفك …؟
كهل تجحـده الدنيا ويتجاهل الناس وتجفوه الأيام
_ حـلمــك …؟
ماعاد هنالك في هذا الزمن المجـدب طعـم للفــرح ولا أشواق للأحلام .
_ فـنانٌ أنــت …؟
نعـم وعشقت المسرح حتى مسرح كل حياتى
_ هــل تـوصى بشــيّْ…؟
نعـم سجـّل في آخـر سـطر تكتـبه علىّْ (( أنى رغم الفقر ورغم جحود الناس وطول معاناتى .. لم أفقـد أملى في الله وفى الجـيل الآتــى .. واحفظ كل كـلامى هذا في ذاكرة الأيــام )) .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوفاء كان دائما من شيمنا في ليبيا ولكنها الأيام التي تغير النفوس لا أدري لماذا !!! وأنا أبحث في سيرته وقد كتب عبدالحميد بطاو صديقه ورفيق رحلته المسرحية .. هذه الحوارية المتخيلة على صفحته هلى فيسبوك وجدت أن أحد المعلقين على اللقاء قد كتب شيئا مؤلما للغاية أتركه هنا لعل وعسى نتذكر كلنا من أسسوا لنا ملاذات فيها راحة للأرواح وبناء توعويا للأذهان ولا نتناسوا أن المسرح حقا أستاذا للشعوب وأن المسرحيين حملوا على أعناقهم أمانة أوطانهم حين بدأوا تحت ظروف حياتية استعمارية صعبة ولكنهم قاوموا بأعمالهم المسرحية وكل يقاوم من ميدانه .. كتب المعقب ذاك قائلا :
الفنان شيخ الفنانين كما كانوا يسمونه انورعبدالوهاب الطرابلسى كان واحد من خمسة هم رواد المسرح في ليبيا باعتبارأن المسرح بدأ من درنه واضطر فى أول عروض الفرقة أن يقوم بدور المرأة في الوقت الذى كان حتى الرجل لايقتنع بالتمثيل على المسرح بسهوله ولاقى الكثير من المشاكل يومها وآخر أيامه اضطرأن يفتح محل حياكة يعانى من وخز الإبرة في دكانه المعتم بسوق الظلام في درنة لكى يوفر لقمة عيشه هو وعجوزه ( زوجته ) وهاهم الآن عتاولة المسرح لايذكرونه ولوهمسًا فلاحول ولاقوة إلابالله العلي العظيم رحمه الله وطيب ثراه .
((( صورة للفنان )))
عبد الناصر عبدالمجيد الباح .. أحد أبناء درنة المواكبين للحركة المسرحية ولا ننسى ونحن نذكر عائلة الباح في درنة المخرج الكبير الفنان عبدالحميد الباح الذي انتقل من درنة ليعيش وأسرته في بنغازي مستقرا بانيا مع المؤسسين المسرح في بنغازي كما صال وجال في درنة .. عبدالناصر أجرى عددا من الحوارات الحقيقية وليست التخيلية مع الفنان الراحل أنور عبدالوهاب الشريف الطرابلسي قبل وفاته ذكر فيها عديد الذكريات التوثيقية لمسرحيات ومواقف وشخوص فقد كانت ذاكرته حتى قبل وفاته ثاقبة لم تفته سانحة إلا وذكرها عن حياته المسرحية ورفاقه المواكبين .. هذا نص الحوار متعدد اللقاءات بينهما دون أي تصرف من المنصة :
((صورة للفنان وهو صغير مع الملك وعبدالناصر )))
التحقت بـ “فرقة هواة التمثيل العربية الدرناوية” بتاريخ: 05 / 07 / 1930 م بعد ان تم دعوتي من صديقي و أحد أعضاء الفرقة / حمد النويصري ،و بالفرقة تم إعلامي بأنهم يستعدون لتقديم مسرحية “خليفة الصيّاد” ،و هي مسرحية نثرية من خمسة فصول من إعداد الفنان الراحل محمد عبد الهادي استلهمها من حكايات “الف ليلة و ليلة” ،و صاغها بمساعدة صديقه “حمد النويصري” الذي خطها بيده و يحتاجون لمن يقوم بإداء دور “قوت القلوب” احدى الشخصيتين النسائيتين بهذا العمل المسرحي و انّي مؤهل للقيام بهذا الدور فوافقت رغم معرفتي بما سيجره علي هذا الدور من مشاكل اجتماعية و في نفس الفترة التحق بالفرقة “هلال بن فائد” فاسند له دور “زبيدة” الشخصية النسائية الثانية ،و هي ( حدوثة تحكي قصة وقوع الخليفة هارون الرشيد في حب جاريته قوت القلوب مما آثار غيرة زوجته الملكة زبيدة فاستغلت غيابه عن القصر و بعد ان سقتها مخدرا أمرت خدمها بالتخلص من الجارية ،و دفنها خارج القصر ،و ابلاغ الخليفة هارون الرشيد حال عودته من رحلة الصيد بوفاة الجارية قوت القلوب و دفنها وهذا ما كان الا ان القدر انقذ الجارية بوجود صياد فقير يدعى خليفة ظن أنّ الصندوق المدفون هو طميرة فحفر عليها و أخرج الصندوق ،و حمله الى السوق ليبيعه ،و هو ينادي و يقول : يا شاريه علي ما فيه .. و عند فتح الصندوق تفاجأ الجميع بوجود الجارية بداخله ،فحملها للمنزل لتخبره بقصتها ،فوعدها بالحفاظ عليها الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا .. و في يوم ذهب للصيد في النهر ،فطلب منه بعض الحرس مرافقتهم لتسرية عن الخليفة و إضحاكه لأنه حزين على وفاة جاريته ، فاستطاع ببراعة ان يقوم بذلك ،فاتخذه الخليفة مضحكه الشخصي و اصطحبه لقصره و استطاع خليفة الصياد استغلال مكانته و اخبر الخليفة هارون الرشيد بقصة وجود الجارية قوت القلوب لديه و بعد ان مثلت بين يديه صفحت عن الملكة زبيدة و ابتهج الجميع بذلك و ليوزع الخليفة هارون الرشيد عطاياه على الجميع) .
تدربنا على أدوارنا ،و تم أعداد الملابس و الديكور من قبل خيَّاط إيطالي كان يعيش في درنة يدعى ” بيرانديلو دي فاوستو ” و تم إعداد بطاقة لتوزع على المتفرجين صممها “رقص” ،و كان إسناد الأدوار كما يلي :
ـ محمد عبدالهادي في دور خليفة الصيَّاد
ـ أنور الطرابلسي في دور قوت القلوب
ـ ابراهيم الأسطى عمر في دور اسحاق النديم
ـ محمد سرقيوة في دور هارون الرشيد
ـ هلال بن فائد في دور الملكة زبيدة
ـ يونس بوسويق في دور الوزير جعفر
ـ حمد النويصري في دور مسرور السيّاف
ـ عبدالمجيد بن سعود في دور رئيس الطواشين
ـ مصطفي ميكائيل الحاسي في دور الحاجب عنبر
ـ محمد التاجوري في دور ابو الحسن
ـ فرج فنوش في دور الحمّال
ـ و المجاميع من حرس ، و جند ،و آهالي : ـ إدريس الأمام ـ مفتاح الغزواني ـ صالح البتير ـ مصطفى بن سعود ـ صابر الشاعري ـ الطيب بدر ـ مراجع عبدالهادي .
ـ مراجعة لغوية / إبراهيم الأسطى عمر
ـ تلقين / حمد بوغرارة
ـ ملابس / بيرانديلو دي فاوستو
ـ الديكور / بيرانديلو دي فاوستو
ـ إعداد و إخراج/ محمد عبدالهادي
ـ مدير الفرقة / علي أسعد الجربي
تم تقديم العرض المسرحي “خليفة الصياد” على خشبة مسرح ” تياترو برنتى Teatro Perniti” بشارع “طابق الكلب” متفرع من شارع “البحر الحرية الان” بتاريخ: 01 / 01 / 1931 م ،و قد كان الاقبال من المتفرجين قد و صل الى حوالي 800 متفرج مما ادى الى خوف سلطات الاستعمار الايطالي و توجسهم ريبة من تأثير المسرح على الاهالي ،فتم إيقاف عرض مسرحية “خليفة الصياد” ،و تم سجن كلا من : حمد بوغرارة ،و محمد سرقيوة ،و مجيد بن سعود لمدة شهر ـ و تم إخراج بكفالة كلا من : ابراهيم الأسطى عمر ،و حمد النويصري ،و تم تحذير كلا من : ادريس الأمام ـ مفتاح الغزواني ـ صالح البتير ـ محمد التاجوري ـ يونس بوسويق ـ مصطفى بن سعود ـ مصطفي ميكائيل الحاسي ـ صابر الشاعري من التجمع معا مرة ثانية .. اما انا انور الطربلسي ،و هلال القرقني فتم تحذيرنا من الرجوع ثانية للفرقة وقد عانينا من نظرة المجتمع لنا و سخريتهم منا الكثير وصلت الى درجة طرد والدتي لي من المنزل.

توقف نشاط الفرقة منذ ذلك الحين ،و حتى نهايات عام 1933 م حيث تغيرت سياسة الاستعمار الايطالي و سمح بإعادة تأسيس “فرقة هواة التمثيل العربية الدرناوية” فاستأجرنا لها منزلا لآل “بن سعود” يطلق عليه “علِّي بن سُعود” ليكون مقرا للفرقة ،فعاد اغلب اعضاء الفرقة و انظم لنا كلا من : ـ عبدالحفيظ بوغرارة ـ محمد المؤدب ،و أخيه رمضان المؤدب ـ عمر الطرابلسي ـ عبدالحميد العكر بورواق ـ فضل الله فنوش ـ محمد جبر ،و عبدالله سكته ،و أخرون .. ،و قررنا أن نبدأ من حيث توقفنا من مسرحية “خليفة الصياد” ،و كانت النسخة المخطوطة الوحيدة في حوزة عضو الفرقة “صابر الشاعري” و الذي غضب لعدم ابلاغه فور السماح بعودة الفرقة فأعلن عن عدم رغبته بالعودة للفرقة ،و قام بتمزيق هذه النسخة و حرقها امام اعين اعضاء الفرقة .. اسقط في يد الجميع فطمأنتهم بأنّي احفظ نص المسرحية بالكامل و أبدى “محمد المؤدب” استعداده بطباعة المسرحية بالآلة الكاتبة ،و هذا ما كان و تعمدت و انا املي أحداث المسرحية ان أضيف بعض الشخصيات الى العمل كما تعمدت ذكر حركة الممثل و احساسه الى ان جاءنا يوما الاستاذ / علي أسعد الجربي “مدير الفرقة” وطلب منا في حضور محمد عبد الهادي ان نغير مشهد دفن الجارية قوت القلوب و هي في الصندوق حية حتي لا يستغل الايطاليين هذا المشهد و يشنّعون على العرب بأنهم يدفنون النساء و هن أحياء فاقتنع الجميع بضرورة هذا التغيير فاقترحت ان يتم رمي الصندوق قرب الشاطئ من قبل الجنود بدلا من دفنه فوافق الجميع و نال استحسانهم و ذكرت لهم في نفس الحين عدم رغبتي في اداء دور قوت القلوب و اني ارغب في أداء دور هارون الرشيد فوافق “محمد عبدالهادي” و اسند دور قوت القلوب لهلال بن فائد و اسند دور الملكة زبيدة لمصطفي المؤدب ،و ابلغني انه سيتم كتابة اسمي كمعد لهذه المسرحية و بالفعل هذا ما كان ،و الجدير بالذكر تم اعداد الديكور و المناظر بواسطة مصوّرة ايطالية تدعى السيدة. “كاريكا تيرا” و ساعدها “عمر الطرابلسي” اما ادوات التنكر و المكياج ،فوصلت من إيطاليا عن طريق طبيب إيطالي يدعى د.”فراد لوري” و هو من قام بعمليات التنكر و المكياج و ساعده محمد المؤدب .. الى جانب قيامه بإعداد موسيقى المسرحية و ساعده عبدالله سكته و كان عمره حينها في حدود الخمسة عشر عاما ،و تم تقديم مسرحية “خليفة الصياد” على خشبة مسرح ” تياترو برنتى Teatro Perniti” بشارع “طابق الكلب” متفرع من شارع “البحر الحرية الان” و كان العرض الاول بتاريخ: 11 / 01 / 1934 م ،و تم عرضها في 85 عرض كان من بينها عرض حضرته ملكة بلجيكا (1934 – 1935 ) أستريد “Astrid” (1905 – 1935 م) مع كبار الشخصيات الايطالية على رأسهم إيتالو بالبو ” Italo Balbo” حاكم ليبيا في فترة ما بين … (1934 -1940 م )
و كان إسناد الأدوار كما يلي :
ـ محمد عبدالهادي في دور خليفة الصيَّاد
ـ هلال بن فائد في دور قوت القلوب
ـ عمر الطرابلسي في دور اسحاق النديم
ـ أنور الطرابلسي في دور هارون الرشيد
ـ مصطفي المؤدب في دور الملكة زبيدة
ـ يونس بوسويق في دور الوزير جعفر
ـ حمد النويصري في دور مسرور السيّاف
ـ خليل البنّاني في دور الحاجب عنبر
ـ عبدالمجيد بن سعود في دوررئيس الطواشين
ـ محمد التاجوري في دور ابو الحسن
ـ فرج فنوش في دور الحمّال
ـ و المجاميع من حرس ،و جند ،و عازفين ،و خدم ،و حشم : ـ عبدالله إشحاتة الباح ـ حسن الطشاني ـ سالم التونسي ـ حمد الهنيد ـ الصابر عبدالونيس الغيثي ـ صفي الدين الامام ـ محمد رمضان بدر ـ مفتاح بن حليم ـ رجب الفريخ ـ محمد المفتي ـ محمد جبر ـ رمضان النويصري ـ عبدالحفيظ بوغرارة ـ فضل الله فنوش
ـ تنكر / د. فراد لوري ـ محمد المؤدب
ـ ديكور و مناظر / السيدة. كاريكا تيرا ـ عمر الطرابلسي
ـ ملابس / أنور الطرابلسي
ـ إعداد موسيقي / د. فراد لوري ـ عبدالله سكته
ـ مراجعة لغوية / إبراهيم الأسطى عمر
ـ تلقين / محمد المؤدب
ـ إعداد/ أنور الطرابلسي
ـ إخراج/ محمد عبدالهادي
ـ مدير الفرقة / علي أسعد الجربي
ختاما لما ورد .. كتب عبدالناصر عبدالمجيد الباح هذه العبارة المؤثرة ..
” كنت أنوي الاحتفاظ ببعض المعلومات كسبق لي لأضعها في كتاب .. لكن خشيت من القدر ان لا يمكنني فتضيع بعض المعلومات التي تحصلت عليها نتيجة أسئلة لم يسألها للراحل غيري. رحمه الله وغفر له . “
