بقلم الصحفي : منذر عبدالناصر
■ على مدار سنوات طويلة ، تسلّلت إلى البلاد ثقافة دخيلة ، لا يدرك الليبيون حجم خطورتها، وهي ثقافة الخلافات السياسية والتشبّث الدائم بالسباحة عكس تيار المصلحة الوطنية أحيانا . ومع مرور الوقت، لم يبقَ المشهد كما كان ؛ إذ تحوّل في الآونة الأخيرة إلى ساحة صراع محتدم ولدت خلالها جرثومة خبيثة اسمها التشظّي ، جرثومة بدأت تنتشر في جسد الوطن بشكل متسارع ومخيف.
■ وخلال هذه المرحلة الحسّاسة ، ظهرت أدوات تعمل على تغذية هذه الجرثومة وترويضها وتطويرها، مستغلّة حالة اللامبالاة واللا إدراك لدى الشارع الليبي وتحوّل هذا المرض إلى حرب ضروس في فضاءات الإعلام والتواصل ، حرب قائمة على التراشق بالسبّ والقذف، بل والتفاخر بهذه الممارسات المشينة ، وكأنها بطولة تُنال أو مجد يُكتب.
■ وفي المقابل ، يقف الشعب مذهولًا يتابع المشهد، وكأنه كرة تتقاذفها أيدي مجموعة من السياسيين الضباع ؛ ضباع تنهش خيرات الوطن في الظلام، ثم تخرج في وضح النهار لتصنع مزيدًا من التشظّي ، وتعمّق الشرخ في النفوس قبل الجغرافيا.
■ إن ليبيا اليوم يا سادة تقف أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن تنتصر على هذه الجرثومة التي تتغذّى على ضعف الوعي وتفكك الصف ، أو تترك لها المجال لتقضم ما تبقى من استقرار الوطن وهيبته. إن إدراك الخطر هو أول خطوة نحو العلاج ، أما الصمت فهو أكبر هدية تُمنح لصنّاع الفوضى ، فالوطن الذي نتقاسمه يستحق أن نحميه، لا أن نتركه فريسة تنهشه أيادٍ اعتادت اللعب في الظلام..
