أثارت شركة EngineAI الصينية للروبوتات موجة واسعة من الجدل بعد نشرها مقطع فيديو يُظهر روبوتها الشبيه بالبشر T800 وهو يوجّه ضربة قوية لرئيس مجلس إدارتها خلال تجربة مباشرة، في عرض وصفه متابعون بأنه استعراضي محفوف بالمخاطر، بينما اعتبره آخرون دليل مقلق على القوة المتزايدة للروبوتات وقدرتها على إلحاق أذى فعلي بالبشر.
الفيديو، الذي بثّته الشركة عبر منصة “إكس”، يوثّق مواجهة بين المدير التنفيذي تشاو تونج يانج، مرتدياً بدلة واقية تشبه الدروع، والروبوت T800 الذي ظهر في وضعية قتالية واضحة. وفي بداية التجربة، تمكّن تونج يانج من تفادي الركلة الأولى في اللحظة الأخيرة، وهو ما علّقت عليه الشركة بعبارة ساخرة مفادها أنه نجا بصعوبة من تلقي الضربة، غير أن الركلة التالية أصابت جسده بشكل مباشر، ما أدى إلى سقوطه أرضاً بقوة أمام الكاميرات.
وبعد سقوطه، ظهر المدير التنفيذي وهو يلهث من شدة الصدمة، قائلاً إن التجربة كانت عنيفة للغاية وقاسية جداً، مؤكداً أن أي إنسان لا يرتدي معدات حماية سيتعرّض لكسور خطيرة في حال تلقّي ضربة مماثلة، تصريحات تونج يانج أعطت المشاهدين انطباع عملي عن حجم القوة التي يتمتع بها الروبوت.
من جانبها، أوضحت EngineAI أن نشر الفيديو جاء رداً على اتهامات سابقة شككت في مصداقية عروضها، وذهبت إلى القول إنها تعتمد على رسومات رقمية أو مؤثرات بصرية لإظهار الروبوت وهو يؤدي حركات قتالية معقدة، وذكرت الشركة أن الهدف من التجربة المباشرة هو إثبات أن T800 يمتلك قدرات حركية حقيقية وقوة فعلية، من دون أي تلاعب تقني.
ولم يقتصر العرض على مشهد المواجهة الرئيسة، إذ أرفقته الشركة بلقطات من خلف الكواليس تُظهر الروبوت أثناء تدريبات قتالية مع شخص حقيقي ضمن سيناريوهات تحاكي الاشتباك الجسدي، في محاولة لإظهار مستوى التحكم والدقة في الحركة.
وتندرج هذه الخطوة ضمن سياق أوسع في صناعة الروبوتات، حيث تلجأ شركات عدة إلى عروض جسدية لافتة لجذب الانتباه، فقد عرضت شركة Unitree الصينية في وقت سابق من العام روبوتها G1 وهو ينفّذ حركات مستوحاة من فنون الكونج فو، كما نشر إيلون ماسك في أكتوبر الماضي مقطع لروبوت Optimus التابع لتسلا خلال نزال تدريبي مع مقاتل بشري، وشملت عروض أخرى روبوتات تلعب كرة السلة أو تتلقى ضربات مباشرة في الصدر من دون أن تفقد توازنها.
في المقابل، يعبّر عدد من الخبراء والمتابعين عن شكوكهم إزاء مستوى الاستقلالية الفعلية لهذه الروبوتات خلال العروض، مشيرين إلى احتمال استخدام التحكم عن بُعد أو برمجيات مسبقة تجعل الأداء يبدو أكثر تقدماً من الواقع، وترى EngineAI أن الفيديو الأخير يشكّل رد عملي على هذه الانتقادات.
ويُعد T800 أحد أبرز مشاريع الشركة، إذ صُمم ليحاكي البشر في الشكل والحجم، بطول يبلغ نحو 1.73 متر ووزن يقارب 75 كيلوغراماً، ويضم الروبوت 29 درجة حرية في الحركة، بينها سبع درجات لكل ذراع، ما يسمح بتنفيذ حركات دقيقة ومعقدة، كما يعمل ببطارية ليثيوم صلبة من الجيل الجديد تتيح له التشغيل لساعات طويلة، إضافة إلى محركات تنتج عزماً دورانياً يصل إلى 450 نيوتن/متر، وهي قوة قادرة على إحداث إصابات حقيقية.
ورغم الطابع الترويجي للفيديو، إلا أنه فتح باب واسع للنقاش حول سلامة استخدام الروبوتات البشرية في البيئات التي يتواجد فيها الإنسان، هذه المخاوف سبق أن ظهرت في سياقات قانونية، إذ شهد نوفمبر الماضي رفع مهندس سلامة سابق في شركة Figure AI الأميركية دعوى قضائية اتهم فيها الشركة بفصله بعد تحذيره من أن قوة الروبوتات قد تتسبب بإصابات قاتلة، بما في ذلك كسور في الجمجمة.
وبينما ترى شركات الروبوتات في هذه العروض وسيلة لإظهار قدراتها التقنية، يبقى الجدل قائماً حول الحدود الفاصلة بين الابتكار والاستعراض، وحول المعايير التي ينبغي الالتزام بها لضمان سلامة البشر في عصر تتزايد فيه قوة الآلات يوماً بعد يوم.
