كشف فريق بحثي يضم بحارة ليبيين، خلال رحلة بحرية استكشافية قبالة سواحل مدينة زوارة غرب ليبيا، عن مستويات خطيرة من التلوث البيئي البحري.
وقال الكابتن طلال عصمان، أحد أعضاء الفريق، إن الرحلة العلمية التي انطلقت من طرابلس صباح يوم الخميس الماضي باتجاه مدينة زوارة، كانت تهدف إلى توثيق حطام سفينة تاريخية تقع على بعد نحو 25 كيلومترًا داخل البحر، إلا أن الفريق تفاجأ منذ بدء عمليات الغوص بارتفاع غير مسبوق في نسبة التلوث، حيث بدت المياه عكرة بشكل غير طبيعي، مع شبه انعدام في الرؤية لا يتجاوز مترًا إلى مترين.
وأضاف عصمان أنه عند الوصول إلى قاع البحر على عمق يقارب 47 مترًا، لم يجد الفريق المشهد البحري الطبيعي المتوقع، بل واجه ما وصفه بـ«مقبرة بحرية»، تنتشر فيها كميات كبيرة من الأسماك النافقة، تجاوز وزنها 100 كيلو غرام، شملت أنواعًا مختلفة مثل الشولة والفراريج والسرطان، إلى جانب بقايا كائنات بحرية أخرى، وسط روائح نفاذة تدل على تحللها.
وأشار إلى أن حطام السفينة التاريخية نفسه كان محاطًا بكميات كبيرة من شباك الصيد المهملة المعروفة بـ«شباك الشبح»، إضافة إلى حبال متشابكة ومخلفات بلاستيكية متنوعة، تحولت مع مرور الزمن إلى جزء من المشهد الملوث في الأعماق، ما يشكل خطرًا دائمًا على الكائنات البحرية.
وأوضح عصمان أن الأدلة الواضحة على الصيد الجائر باستخدام المتفجرات («الجولاطينة») كانت من أكثر المشاهد إيلامًا، حيث بدت آثار التفجيرات واضحة على أجساد الأسماك النافقة وعلى الحطام ذاته، في مشهد يعكس دمارًا واسعًا لا يميز بين الكائنات الصغيرة والكبيرة، ولا يراعي حرمة البيئة البحرية أو التراث المغمور بالمياه.
وأكد أن مهمة الفريق تحولت من توثيق تاريخي إلى توثيق جريمة بيئية مكتملة الأركان، مضيفًا أن كل صورة جرى التقاطها كانت بمثابة شهادة على كارثة صامتة تحدث تحت الأمواج بعيدًا عن أعين الناس.
وختم عصمان حديثه بالتأكيد على أن هذه المشاهد تمثل «صرخة استغاثة من أعماق البحر الليبي»، محذرًا من استمرار الإهمال والتلوث الذي يهدد الثروة السمكية والتراث البحري والجمال الطبيعي للسواحل الليبية، ومتسائلًا عن عدد الكوارث البيئية الخفية التي تحدث دون رصد أو تدخل، وعن موعد التحرك الجاد لإنقاذ البحر قبل تحوله بالكامل إلى مقبرة مائية.
