الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-12-22

5:05 مساءً

أهم اللأخبار

2025-12-22 5:05 مساءً

رِداءُ الغِياب

حسين درمشاكي

حسين درمشاكي

​تجاعيدُ الخريفِ على وجهٍ يحكي عقودًا. على عتبةِ الطينِ الباردةِ جلست، تُلملمُ ركبتيها تحت لحافٍ رماديٍّ ثقيلٍ كالأيام. يداها المرتعشتانِ تُخفيان فمًا ذابلاً، ربما لتكتمَ تنهيدةً، أو لتُدفئَ أنفاسًا صارت كجليدِ كانون. لفحتها الملونة، كأنها بقعةُ فرحٍ عنيدةٍ على لوحةِ حزنٍ، تتدلى بأهدابٍ أرجوانيةٍ كذكرى زاهيةٍ لا تغيب.

​كانت الشمسُ تميلُ على استحياءٍ نحو الغروب، ترمي ظلالًا طويلةً كأعوادِ قصبٍ، كأنه زمانُ الأصيلِ ينسحبُ منها.

​الحوار المكتوم: “متى سيعود؟ وعدني… قال: غدًا.”

​فجأةً، لمحتْ حذاءً أسودَ قديمًا على طرفِ الدرجة، تمامًا كحذاءِ ابنها الذي غادر منذ عشرين عامًا ولم يعد. مدّت ساقها الهزيلة، تحسست بعصاها الخشبية ما ظنتْ أنه امتدادٌ لذلك الحذاء. فجأةً، توقفت العصا.

​رفعت نظرها المُنهك، لتجدَ العصا ليست إلا ساقها هي، وقد تشبثت بالأرض من طول الانتظار. أما الحذاءُ القديمُ، فكان حذاءها هي أيضًا.

​كانت تنتظر، والغيابُ يرتدي جلدها خطوةً خطوةً، حتى لم يبقَ لها سوى رداءِ الانتظارِ الملوّن.

​لم يكنْ هناك حذاءٌ لابنها يومًا. كان كلُّ ما ظنتْ أنه غيابُه هو غيابُها هي عن الحياةِ دون أن تشعر.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications