تبادل الجيش السوداني الاتهامات مع قوات الدعم السريع بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف، أمس الجمعة، حامية الطينة العسكرية في دولة تشاد بواسطة طائرة مسيّرة، ما أسفر عن مقتل جنديين وإصابة آخر، وذلك في أحدث تصعيد بين الطرفين اللذين يخوضان حرباً طاحنة منذ 15 إبريل 2023. ورداً على اتهامات الجيش السوداني، نفت “الدعم السريع” مسؤوليتها عن الهجوم واتهمت الجيش بتنفيذه “لإثارة الفتن وتأجيج الأوضاع على الشريط الحدودي” مع تشاد.
وأعلنت القيادة العامة للجيش التشادي، في بيان اليوم السبت، أن طائرة مسيّرة استهدفت معسكراً للجيش في منطقة طينة بولاية وادي فيرا، شمال شرقي البلاد، ما أسفر عن مقتل جنديين وإصابة ثالث، معربة عن إدانتها الهجوم الذي وقع قرب الحدود مع السودان. واعتبرته “توغلاً واعتداءً غير مبرر على السيادة الوطنية”، محذّرة أطراف النزاع في السودان من أي انتهاك جديد للأراضي التشادية. كما أكدت في الوقت نفسه احتفاظها بحق الرد “بشكل حازم ومناسب” دفاعاً عن سلامة أراضيها وأمنها القومي.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد عاصم عوض، في بيان اليوم السبت، إن “القوات المسلحة تؤكد تضامنها الكامل مع تشاد ووقوفها إلى جانبهم في مواجهة كل ما يهدد أمن واستقرار المنطقة”. وأضاف أن منطقة الطينة السودانية تخضع لسيطرة الجيش السوداني الكاملة، وتعمل فيها مؤسسات الدولة المدنية والأمنية كافة بصورة منتظمة، ولم تُسجَّل منها أي أنشطة عدائية تجاه أراضي الدول المجاورة.
وقال عوض إن “مليشيا الدعم السريع المتمردة دأبت على استخدام الطائرات المسيّرة لتنفيذ أعمال عدائية عابرة للحدود، في محاولة لخلق توترات بين السودان ودول الجوار، ضمن مخططها الرامي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وجرّ المنطقة إلى مربع الفوضى”، مشدداً على أهمية تفعيل آليات التنسيق والتعاون المشترك بين السودان وتشاد، لا سيما القوات المشتركة واللجان الأمنية الحدودية، بما يضمن ضبط الحدود، ومنع استغلالها من قبل المليشيا.
من جانبها، قالت قوات الدعم السريع في بيان إن الهجوم الذي وقع على منطقة الطينة تم بواسطة طيران الجيش، و”لن تجدي محاولاتهم للتنصل من المسؤولية”، ولفتت إلى أنها ترصد وتتابع من كثب ما وصفتها بـ”المحاولات المستمرة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وعناصرها العسكرية المنهزمة لإثارة الفتن وتأجيج الأوضاع على الشريط الحدودي مع جمهورية تشاد”.
وأضافت في بيان نشرته على منصة “تليغرام”: “تؤكد قواتنا في المقابل حرصها على علاقات راسخة ومتينة مع جميع دول الجوار، وفي مقدمتها جمهورية تشاد الشقيقة، بما يخدم الأمن والسلام والاستقرار المشترك”. وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان آخر إسقاط طائرة مسيّرة من طراز “بيرقدار” تركية الصنع في منطقة برنو بولاية جنوب كردفان. وأعلنت قوات الدعم السريع، الأربعاء الماضي، السيطرة على بلدتي أبو قمرة وأم برو في شمال منطقة دارفور الشاسعة، وكلتاهما واقعة على الحدود بين السودان وتشاد بالقرب من بلدة الطينة، وخاضت في المنطقة اليومين الماضيين معارك مع الجيش والقوات المساندة له.
واتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع بقتل أكثر من 200 شخص على أساس عرقي في مناطق بولاية شمال دارفور غربي البلاد، وذلك منذ إعلانها قبل أيام سيطرتها عليها. وأفادت الشبكة ، في بيان أصدرته اليوم السبت، بأنّ مصادرها ومشاهدات ناجين أكدت مقتل هؤلاء، علماً أنّ من بينهم أطفالاً ونساء استُهدفوا وقُتلوا على أساس عرقي في مناطق أمبرو سربا وأبو قمرة بشمال دارفور.
ووصفت الشبكة الطبية المستقلة هذا الهجوم الأخير بأنّه “انتهاك فاضح لكلّ القوانين الإنسانية والدولية”، مضيفةً أنّ تلك “الجرائم تسبّبت في موجات نزوح واسعة نحو دولة تشاد (المجاورة) هرباً من الهجمات المسلحة”. وحذّرت من أنّ “استمرار الانتهاكات سيدفع آلاف المدنيين نحو تشاد في أكبر عملية لجوء ستشهدها هذه المناطق”.
