الكيلاني عون
محيى الدين محجوب وظل الشاعر .. ففى مجموعة ” الغيمة فى يدى ” ما ينقصنا هو الظل ، أى مرئيات الـ ﻻمكتوب، الهتاف السرى للرسم/الكتابة، باعتبار اللغة هى أيضا كتلة المحلوم به كجسد ناقل لعدوي الظلال.
الساحل ظل الموجة مثل اﻻصغاء ظل للكﻻم، وكذلك العكس.. ما يتعين علينا إضافته ليس سوي تمارين الزواج الشرعى بين الغابة والبحر، بين صياد يعود آخر النهار بأسماك نادرة وبين حكايته العائدة معه كظل – حسب مشيئة اﻷنساق البدئية لمرموزات الحركة المرتبطة باﻵخر – ” الظل ” .
يكتشف الشاعر “محيى الدين محجوب” دنو حادثة الظل.. استمرارها فى ترتيب الفتنة النابضة بدوال عراجينها، لذا فهو يستهل قصيدته “ظل الشاعر” باختيار البديل الﻻمعرف “بديل الماء ” :
بأى ماء
أتطهر من ظلى؟!
سيكون ملزما محو الظل / ارتداء شراهته، إرجاعه للجسد اﻷول وليس الخﻻص من ملموحات نزواته، فالتطهر من الظل فاجعة أخري تحيلنا إلي حدس اﻻغتراب اﻻنتسابى لصورة الظل، الذى يزعم بضرورته كمتكون / كقرين تفرزه لعبة الضوء الساقط علي اﻷجساد، عندما يلتئم جرح الجسد فإن عودة الظل إلى الداخل هي بداية التطهر من هذا المرافق الشقيق المترف باﻻعتكاس ، والسارح كطريد يتوحدنا حين العتمة .
لهذا يكتشف ثانية ، شاعرنا خفايا الظل .. ومخبوءات الكائن اللصيق.
وعندما يتخير الشاعر مرتكبات ظﻻل أخري فإنه إنما يؤنسن ظﻻ أصبح مرئيا حتي خﻻل الظلمة.. الموت.. فيما ستصبح له ظﻻله الخاصة، والتى بامكانها استبدال الشاعر/ استبدال الوظائف المعهودة إلي أبنية نشاط يري مغمورا بأصول اﻷجساد المنبثقة من شهوة تكرار الناقص / الملغى.
“محيى الدين محجوب” يرتاب تفاصيل الفراغ/الظل.. عندما يتحسس فخامة اللفظ وبساطته أيضا ليضيف نصوصا.. ومضات تختزل تجربة “ملفتة” تفكك واحدية النص إلي مقطعيات ﻻفتراض عنوان لن يكون قادرا علي تبرير الشعر الحالى.. ربما لهذا السبب تجد بعض قصائد “الغيمة فى يدى” دون عناوين.
أخيرا يقف الشاعر ملقيا ذاكرة المفردة القديمة، يتحدث مليا مع الظل.. مع اﻵخر الذى هو اﻵن يأخذ جسدا كاملا يبحث عن ظلاله بطبيعة الحال.
