الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-12-27

7:18 مساءً

أهم اللأخبار

2025-12-27 7:18 مساءً

حين ينهار القناع : درس في الصدق والنضج

د. عبدالغني العريبي

د. عبدالغني العريبي

كشف الأقنعة بين الحب والواقع

ليست كل القصص التي تنتهي بانسحابٍ من الطرف الآخر، تنتهي بخسارة ، أحيانًا يكون انسحاب الطرف الآخر كاشفًا ، لا جارحًا يعرّي مواضع القصور، ويمنح من بقي فرصة أن يخرج أكثر اتزانًا  ، هذه قصة إنسان أحب بصدق ، ثم اختار ألا يمنح ألمه منصّة ، ولا يمنح غيره لحظة انتصار على حساب كرامته.

الحب عنده لم يكن نزوة ، بل قرارًا ، وحين فُتح باب الأمل ، دخل بوضوحٍ وصدق كامل

لكن الطرف الآخر اختار الانسحاب ، مبرَّرًا بتردّدٍ وأمانٍ زائفين ، مرتديًا قناع الوعي والصدق، في حين كشفت أفعاله عن حقيقته ، هنا لا يُدان الشعور، بل يُساءل الفعل: من يفتح قلبًا ثم يغلقه لا يملك رفاهية الاحتماء بالنيات ، المسؤولية لا تُقاس بما قيل بل بما تُرك خلف من اثر.

في تلك اللحظات الأخيرة ، قرأ كلمات الطرف الآخر التي كانت فحواها : «علاقتي معك مراعاة لشعورك ، ولا أريد أن أفقد شخص أحبني». لم تكن كلمات اعتذار، ولم تكن تعبيرًا عن حب، بل كشف عن حقيقة اختيارها للبقاء في أمان قوقعتها ، وعدم مواجهة تبعات مشاعرها ، شعور الفراغ كان حاضرًا، والصرخة الصامتة ملأت المكان، كاشفةً عن الفرق بين الأقنعة والقيم الحقيقية.

الصدق والوفاء في مواجهة الاختيار

في صباح اليوم التالي، خرج إلى الشارع وكأن شيئًا لم يحدث ، لكن شعوره كان بأن قلبه بقي مع تلك الكلمات التي لم يستطع هضمها بعد ، فكرة تتكرر في رأسه وهي من يترك قلبًا صادقًا، يخسر فرصة نادرة لا تعوّض ، وهنا يتضح درس القيم وهو أن الصدق لا يمكن تعويضه ، ولا يمكن أن يُستبدل بقناع يختبئ وراءه البعض.

جلس على المقعد المفضل في الحديقة، ينظر إلى السماء ويتنفس بعمق ، الألم موجود نعم لكنه بدأ يتحول إلى وعي ونضج أكبر ، أدرك أنه على يقين ، وأن صدقه وحبه لم يذهبا سدى ، من اختار الانسحاب فقد فرصة امتلاك قلب حاضر وصادق، بينما خرج هو من التجربة أكثر وضوحًا، وأكثر قدرة على حماية نفسه ومشاعره ، النضج هنا يظهر في الفهم العميق لقيمة الحب الحقيقي، والقدرة على التمييز بين العلاقات التي تبني والثقة التي تُهدر.

الوعي والنضج: قوة القلب بعد التجربة

انسحاب الطرف الآخر هو فعل له أثره، لكنه لا يُغير من القوة الداخلية للإنسان ، القلب الذي تعلق لم يعد يُقاس بما نويت بل بما فعلت ، كثيرون ينسحبون تحت ذرائع التردد أو حماية الذات أو الظروف الاجتماعية، لكن الحقيقة أن من يفتح باب الأمل ثم يغلقه يترك أثرًا لا يُمحى ، قلبًا ينزف وألمًا لا يُنسى ، هنا تظهر قيمة النضج الحقيقي ، القدرة على رؤية اختيار الآخر بوضوح دون الاستسلام للتبريرات، والقدرة على استخراج الدروس من كل موقف.

أثر الانسحاب : الخسارة ليست دائمًا للفقدان

من خلال هذه التجربة، يتعلم الإنسان أن القوة الحقيقية لا تتعلق بتجنب الألم ، بل بفهمه واستخدامه كمرشد للنمو ، يتعلم أن القيم مثل الصدق والوفاء، والكرامة ، ليست مجرد كلمات تُقال بل ممارسات تُعاش ، أي انخداع بالأقنعة أو المظاهر الزائفة، مهما كانت مقنعة لا يمكن أن يحجب الحقيقة، وأن من يفتقد القدرة على التمسك بالقيم يفقد شيئًا أكثر قيمة من الحب نفسه وهي الثقة بالنفس والقدرة على التقدير الصحيح للآخرين.

الدرس المستفاد : الصدق والكرامة فوق كل قناع

هذه ليست مجرد قصة عن تجربة، بل سرد لحياة إنسان تعلم أن الحفاظ على الصدق والكرامة وسط خيبات الأمل هو الأساس لبناء شخصية قوية ، إن ارتداء القناع لا يحجب الحقيقة أبدًا وأن من يخرج من مثل هذه التجارب محتفظًا بكرامته، يكون قد اكتسب رؤية أعمق وثقة أكبر بنفسه وفهمًا أوسع لقيمة الحب الحقيقي والوفاء بالصدق.

اليوم، لا يحتاج هذا الإنسان إلى اعترافٍ متأخر، ولا إلى ندمٍ معلَن ، يكفيه أنه أحب بصدق ثم غادر التجربة محتفظًا بكرامته ، هكذا تُهزم المعاناة : حين لا نمنحها حق تعريفنا، وحين نخرج من القصة أوضح رؤية وأثبت قدمًا وأكثر قوة.

في النهاية

 تصبح التجربة مدرسة للقيم ومرآة للنضج ودليلًا على أن القلب القوي هو الذي يقدر الصدق والوفاء ويختار الاستمرار في طريقه مهما كانت خيبات الآخرين.

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications