وجّه الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، اليوم الأحد، انتقادات حادة لإعلان رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاعتراف بإقليم “أرض الصومال”، واصفاً الخطوة بأنها “أكبر انتهاك للسيادة الصومالية في تاريخ البلاد” و”عدوان سافر” لا يمكن القبول به. جاء ذلك خلال خطاب ألقاه الرئيس أمام البرلمان الصومالي في جلسة استثنائية خُصصت لمناقشة التداعيات السياسية والأمنية للخطوة الإسرائيلية، حيث شدد على أن “أرض الصومال جزء لا يتجزأ من الدولة الصومالية”، محذراً من أن الاعتراف الإسرائيلي “يهدد الأمن والاستقرار في الصومال والمنطقة، ويفتح الباب أمام تشجيع النزعات الانفصالية حول العالم”.
وأكد حسن شيخ محمود أن “تماسك المجتمع الصومالي ووحدته كفيلان بإفشال محاولة الاعتداء على سيادة البلاد”، داعياً الشعب الصومالي إلى التحلي بـ”الهدوء والوحدة” في مواجهة التطورات الراهنة، كما جدد التأكيد على أن موقف الصومال “ثابت تجاه الحوار مع قيادات أرض الصومال في إطار السعي إلى تحقيق الوحدة الوطنية”.
وفي سياق إقليمي، أعلن الرئيس الصومالي رفض بلاده أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن “الصومال رفض هذا الطرح سابقاً ويجدد رفضه اليوم”، معتبراً أن الخطوة الإسرائيلية “تمثل محاولة لتقويض حل الدولتين، ونقل الصراع في الشرق الأوسط إلى القرن الأفريقي، وهو ما لن تقبل به مقديشو”. كما شدد على أن الصومال لن تسمح بإقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها تُستخدم لانطلاق هجمات أو لزج البلاد في صراعات إقليمية، لافتاً إلى أن “تاريخ أرض الصومال نفسه يشهد برفض توطين أي قوى معادية في تلك المناطق”. وختم الرئيس الصومالي خطابه بالتأكيد على عزم الحكومة اتخاذ “جميع الخطوات الدبلوماسية والقانونية اللازمة” للدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها، ومواجهة ما وصفه بمحاولات المساس بأمن الصومال واستقراره.
من جهته، أدان البرلمان الفيدرالي الصومالي، اليوم الأحد، في جلسة استثنائية مشتركة بين مجلسي الشعب والشيوخ، أي تصريح أو ادعاء أو طلب تزعم إسرائيل من خلاله الاعتراف بإقليم أرض الصومال باعتباره دولة أو كياناً يتمتع بالسيادة. وأكد البرلمان، في قرار صادر عن الجلسة، تمسّكه الكامل بسيادة الدولة الصومالية ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها، مجدداً التأكيد على أن الأقاليم الشمالية الغربية، المعروفة باسم “صوماليلاند”، تشكل جزءاً لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية.
ورأى البرلمان أن “أي اعتراف من هذا النوع يمثل خرقاً واضحاً وصريحاً للقانون الدولي، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ الاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية، وميثاق منظمة التعاون الإسلامي، التي تقوم جميعها على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها”. ودعا البرلمان إلى “إدانة أي اعتراف يصدر عن إسرائيل أو أي دولة أخرى بذات الصفة”، معتبراً إياه “عملاً غير مشروع لا يترتب عليه أي أثر قانوني بموجب القوانين والأعراف الدولية”. كما ناشد الحكومة الفيدرالية التحرك العاجل لإحالة هذا القرار إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وهيئة إيغاد، ومجموعة شرق أفريقيا، تأكيداً على حق الشعب الصومالي في حماية دولته وسيادته ووحدته الوطنية.
وشدد على أن “أي شخص أو جهة، سواء كانت صومالية أو دولية، تنتهك هذا القرار، تعرّض نفسها للمساءلة القانونية وفقاً لقانون العقوبات وسائر القوانين النافذة في جمهورية الصومال الفيدرالية، إضافة إلى ما تقرره أحكام القانون الدولي ذات الصلة”. وأوضح أن القرار يدخل حيز النفاذ فور اعتماده من قبل البرلمان الفيدرالي بغرفتيه.
وأثار الاعتراف الإسرائيلي رفضاً صومالياً من مختلف الجهات، بما في ذلك قوى المعارضة، في حين قوبل برفض أفريقي وعربي وإقليمي واسع، إذ اعتبر الاتحاد الأفريقي الخطوة “سابقة خطيرة ذات تداعيات بعيدة المدى على السلام والاستقرار في أنحاء القارة”، بينما أكدت الدول العربية والإسلامية “رفضها أي محاولات تهدف إلى إنشاء أو فرض كيانات موازية من شأنها تقويض وحدة الصومال”.
يأتي ذلك فيما يتجه مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ، يوم غد الاثنين، لبحث التداعيات السياسية والقانونية للاعتراف الإسرائيلي. وقال مندوب الصومال الدائم لدى الجامعة والسفير الصومالي بالقاهرة علي عبدي أوراي، إن بلاده تدعو إلى عقد الاجتماع “من أجل بحث تداعيات هذه القرارات الخطيرة التي تمسّ سيادة ووحدة الصومال، وإدانة هذا القرار غير المسؤول، ورفضه بشكل واضح وصريح، تضامناً مع جمهورية الصومال الفيدرالية، ودفاعاً عن مبادئ السيادة الوطنية ووحدة أراضي الدول العربية، ورفضاً لأي محاولات لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي”، بحسب وكالة الأنباء الصومالية (صونا).
