قال مدير إدارة متابعة القطاع المالي بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، عادل بوسنينة، إن تفجير مقر الهيئة بمدينة جنزور يُعد «عملًا جبانًا وخطيرًا»، ويعكس حجم التحديات التي تواجه عمل الهيئة في ظل ما وصفه بانتشار الفساد ووجود عوائق إدارية وأمنية متعمدة.
وأوضح بوسنينة في تصريحات تلفزيونية أن مقر الهيئة الذي تعرض للتفجير يضم عدة إدارات حيوية، من بينها فرع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في جنزور، ومكتب التحري والمعلومات، وإدارة متابعة القطاع المالي، مشيرًا إلى أن استهدافه بقذائف آر بي جي في منطقة سكنية مأهولة بالسكان تسبب في حالة فزع كبيرة بين الأهالي، خاصة المرضى وكبار السن، مؤكدًا أنه لولا وقوع التفجير في ساعة مبكرة قرابة الخامسة فجرًا لكانت الكارثة أكبر.
وأكد بوسنينة أن الهيئة، رغم الاعتداءات والتهديدات، ستواصل أداء مهامها في مكافحة الفساد بالإمكانيات المتاحة، مشددًا على أن هذا التفجير أو غيره من أشكال الاستهداف «لن يثني موظفي الهيئة عن التحري والكشف والبحث عن أسباب الفساد المنتشر في الدولة الليبية».
وأشار إلى أن الملف ما يزال قيد التحقيق لدى الجهات الأمنية المختصة، مؤكدًا أن الهيئة لا توجه الاتهام لأي طرف في هذه المرحلة، إلا أنه لفت إلى أن هذا العمل المسلح لا يقل خطورة عن ممارسات إدارية أخرى تستهدف عمل الهيئة من الداخل، وعلى رأسها وجود جهات «منتحلة للصفة» تسببت في عرقلة أعمالها وإرباك أدائها.
وكشف بوسنينة عن التعدي على مرتبات عدد من موظفي الهيئة، واصفًا الأمر بأنه شكل من أشكال الابتزاز الإداري، يقوم على معادلة «إما العمل مع جهات غير شرعية أو إيقاف المرتب»، مؤكدًا أن هذا الاستهداف يمس الكوادر المعنية بمتابعة ملفات الفساد، ومعظمهم موظفون يعيلون أسرًا، وأن حرمانهم من مرتباتهم بسبب امتثالهم للشرعية يُعد انتهاكًا خطيرًا لا يقل أثره عن استهداف المقرات.
وأضاف أن الهيئة تقدمت بشكاوى رسمية إلى مجلس النواب، الذي عمم بدوره على المؤسسات السيادية بأن اللجنة المؤقتة التي كانت تدير الهيئة رُفعت عنها الصفة القانونية، وأن الممثل الشرعي للهيئة هو الأستاذ جديد معتوق جديد، بموجب أحكام القانون الصادر سنة 2023، إلا أن عمليات إيقاف المرتبات استمرت رغم ذلك، بناءً على مراسلات من جهات منتحلة للصفة.
وأوضح بوسنينة أن مكتب النائب العام أصدر بدوره تعميمات بعدم التعامل مع هذه الجهات، غير أن تقاعس بعض المؤسسات عن تنفيذ قرارات السلطة التشريعية والأحكام القضائية خلق حالة من الارتباك داخل الهيئة، وساهم في إضعافها، إلى جانب الاعتداءات الأمنية التي طالت مقارها.
وأكد أن موظفي الهيئة باتوا اليوم محاصرين نفسيًا وماديًا، بين إيقاف المرتبات والتهديدات العلنية والهجمات على المقرات، ما يشكل خطرًا حقيقيًا على استمرارية عمل الهيئة وعلى سلامة العاملين فيها.
وختم بوسنينة تصريحه بالتأكيد على أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كانت في ذروة نشاطها قبل اندلاع الصراع على إدارتها، إلا أنها جُردت لاحقًا من كثير من اختصاصاتها نتيجة ضعف مؤسسات الدولة وعدم تمكينها، داعيًا الدولة الليبية إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذا الصراع، ومنع استمرار أشخاص لا يحملون أي صفة قانونية في إدارة مؤسسة رقابية سيادية، لما لذلك من تهديد مباشر لمكافحة الفساد وهيبة الدولة.
